انصرف [ من صلاته ] قال له : لم نهيت الرجل؟ فقال : يا بن رسول الله خطر فيما بينك وبين المحراب ، فقال : ويحك إنّ الله عزوجل أقرب [ إليّ ] من أن يخطر فيما بيني وبينه أحد» (١).
فإنّ هذه الأخبار مع أنّه لا دلالة فيها على أنّه لم يكن في موردها بحيال وجه الإمام عليهالسلام سترة من خطّ ونحوه ممّا ستعرف أنّه بمنزلة الدفع ، واحتمال ورود جميعها ـ كالخبر الأوّل ـ في مكّة المشرّفة التي اغتفر فيها هذا الحكم ؛ لمكان الضرورة ، كما شهد بذلك صحيحة معاوية بن عمّار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام :أقوم أصلّي بمكة والمرأة بين يدي جالسة أو مارّة ، قال : «لا بأس ، إنّما سمّيت بكّة لأنّه يبكّ فيها الرجال والنساء» (٢) أنّها حكاية فعل لا تصلح معارضة للقول.
وما فيها من التعليل أريد منه بحسب الظاهر دفع توهّم كون المرور قاطعا للصلاة ، فكأنّهم كانوا يتوهّمون أنّ الصلاة تذهب بحيال صاحبها إلى القبلة ، فيكون المرور موجبا لا نقطاع بعضها عن بعض ، فأبطل الإمام عليهالسلام هذا الوهم بقوله : «إنّ الذي أصلّي له أقرب إليّ من هؤلاء».
وقد أشير إلى هذا الوهم وفساده في خبر أبي سليمان مولى أبي الحسن العسكري عليهالسلام ، قال : سأله بعض مواليه ـ وأنا حاضر ـ عن الصلاة يقطعها شيء ممّا يمرّ بين يدي المصلّي (٣)؟ فقال : «لا ، ليست الصلاة تذهب هكذا بحيال صاحبها ، إنّما
__________________
(١) التوحيد : ١٨٤ / ٢٢ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب مكان المصلّي ، ح ٤ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٢) الكافي ٤ : ٥٢٦ / ٧ ، التهذيب ٥ : ٤٥١ / ١٥٧٤ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب مكان المصلّي ، ح ٧.
(٣) في النسخ الخطّيّة والحجريّة : «المصلّين». والمثبت كما في المصدر.