ويستفاد من هذه الرواية أنّه إذا وضع المصلّي بين يديه شيئا ، يستغني بذلك عن دفع المارّ ، الذي عرفت استحبابه آنفا ، فهو دفع حكمي ، ولكنّه بالنسبة إلى من يمر من وراء السترة ، لا ممّا بينهما ؛ إذ المتبادر من قوله عليهالسلام : «يستتر به» أنّه يجعله حائلا فيما بينهما.
ونحوه في الدلالة على ذلك خبر عليّ بن جعفر ـ المرويّ عن كتاب قرب الإسناد ـ عن أخيه موسى عليهالسلام ، قال : وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي وأمامه وحمار واقف؟ قال : «يضع بينه وبينه عودا أو قصبة أو شيئا يقيمه بينهما ويصلّي ، ولا بأس» قلت : فإن لم يفعل وصلّى أيعيد صلاته أو ما عليه؟قال : «لا يعيد صلاته ، وليس عليه شيء» (١).
ولا يرد على الاستشهاد به للمدّعى بخروجه عن محلّ الكلام ؛ حيث إنّ المفروض فيه كون الحمار واقفا ؛ لأنّ الحمار الواقف قد يمشي ويمرّ بين يديه وهو في الصلاة ، فالمقصود بالرواية ليس إلّا بيان كفاية وضع شيء فيما بينهما حائلا ، سواء بقي الحمار على حالته أم أخذ في المشي ، كما لا يخفى.
وأوضح منهما دلالة على قيامه مقام الدفع : ما رواه أبو بصير أيضا عن أبي عبد الله عليهالسلام : «لا يقطع الصلاة شيء كلب ولا حمار ولا امرأة ، ولكن استتروا بشيء ، فإن كان بين يديك قدر ذراع رافع من الأرض فقد استترت» (٢) الحديث.
قوله : «فإن كان» إلى آخره ، مسوق لبيان أنّ المراد بالاستتار ليس حقيقته ، بل
__________________
(١) قرب الإسناد : ١٨٧ ـ ١٨٨ / ٧٠١ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب مكان المصلّي ، ح ١ و ٢.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ١٦٤ ، الهامش (١).