ما يعمّ وضع حائل فيما بينهما ولو بقدر ذراع.
ثمّ إنّ مقتضى ظاهر هذه الرواية بل وكذا سابقتها : اعتبار كون السترة بقدر ذراع رافع من الأرض فما زاد ، وهو ينافي بظاهره ظاهر كلمات الأصحاب بل صريحها من الاكتفاء بخطّ أو سهم أو رمح ونحوه.
ومستندهم في ذلك بحسب الظاهر هي الأخبار المتقدّمة الدالّة على استحباب أن يجعل المصلّي بين يديه شيئا من حجر أو عنزة أو كومة تراب أو يخطّ بين يديه خطّا.
وفي دلالتها عليه تأمّل ؛ لإمكان كون ذلك ـ أي جعل شيء بين يديه ـ في حدّ ذاته مستحبّا مستقلا وإن لم يكن هناك من يمرّ بين يديه بل ولا مظنّته ، اللهمّ إلّا أن يجعل فهم الأصحاب كاشفا عن أنّ المراد بها هي السترة.
ولا ينافي ذلك ظهورها في استحباب وضع شيء مطلقا وإن لم يكن مار ؛ إذ الظاهر أنّ الاستتار بالسترة حكمة لشرعيّتها ، فلا يعتبر فيه الفعليّة ، بل ولا الاطّراد ، والله العالم.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ المقصود بالدفع الذي حكمنا باستحبابه إنّما هو ما لا يترتّب عليه مفسدة من ظلم أو إيذاء مؤمن ونحوه ؛ ضرورة أنّ المستحبّ ، لا يعارض الحرام.
وما في بعض الروايات من جوازه ولو بقتال (١) فهو من الروايات العاميّة ، أو الروايات المشابهة لروايتهم (٢) ، وقد أمرنا بأن نذرها في سنبلها ، والله العالم.
__________________
(١) سنن ابن ماجة ١ : ٣٠٧ / ٩٥٤ ، مسند أحمد ٣ : ٦٣.
(٢) في «ض ١٢» : «لرواياتهم».