وكيف كان فدلالة هذه الأخبار على استحباب الأذان وجواز تركه أبلغ من التصريح به ، بل وكذا في الإقامة ؛ فإنّ المتبادر منها ليس إلّا أنّ فعل الإقامة موجب لكمال الصلاة ، وصيرورة المصلّي مقتدى لصفّ من الملائكة ، وأنّه بفواتها تفوت هذه الفائدة العظمى من غير أن تبطل به الصلاة أو يستحقّ المصلّي بواسطته العقاب.
ويدلّ عليه أيضا خبر زرارة قال : سألت أبا جعفر عليهالسلام عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة ، قال : «فليمض في صلاته ، فإنّما الأذان سنّة» (١) فإنّ المتبادر من إطلاق السنّة إرادة الندب ، خصوصا في مثل المقام الذي يناسبه التعليل.
والمراد بالأذان في الجواب ما يعمّ الإقامة بقرينة السؤال ، كما هو واضح.
والخدشة في دلالته ـ بأنّ السنّة قد تطلق في الأخبار على ما ثبتت مشروعيّته بغير الكتاب ، سواء كان واجبا أم ندبا ، فيمكن أن يكون المراد بها في المقام هو هذا المعنى ، ولا ينافيه جعلها علّة لنفي الإعادة ؛ حيث إنّ السنّة بهذا المعنى أيضا لا يوجب الإخلال بها سهوا نقض الصلاة ، كما دلّ عليه غير واحد من الأخبار التي منها صحيحة زرارة ، التي وقع فيها التصريح بأنّ الصلاة لا تعاد إلّا من خمس ، وأنّ التشهّد سنّة ، والقراءة سنّة ، والسنّة لا تنقض الفريضة (٢) ـ مدفوعة : بأنّ مقتضاه حمل التعليل على التعبّد ، وهو خلاف ظاهر التعليل ، كما أنّ حمل
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٨٥ / ١١٣٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٤ / ١١٣٠ ، الوسائل ، الباب ٢٩ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ١.
(٢) تقدّم تخريجها في ص ٢٠٨ ، الهامش (١).