صوتها عورة بل تحقّق خلافه ، اتّجه القول بعدم اعتباره ، كما ذهب إليه غير واحد من متأخّري المتأخّرين.
وربما يظهر ذلك ممّا حكي عن الشيخ في المبسوط حيث قال ـ على ما حكي عنه ـ : إذا أذّنت المرأة للرجال جاز لهم أن يعتدّوا به ، ولا يقيموا ؛ لأنّه لا مانع منه (١) ؛ إذ الظاهر أنّ مراده الاعتداد بأذانها فيما إذا أذّنت لهم بحيث سمعوا أذانها ، فإنّ هذا هو المتبادر من كلامه ، ومن المستبعد أن يلتزم ببطلان أذانها في حدّ ذاته واعتداد الغير به ، أو الالتزام بحرمته دون البطلان.
وكيف كان فقد حكي عن العلّامة في المنتهى أنّه قال : يجوز أن تؤذّن المرأة للنساء ويعتددن به ، ذهب إليه علماؤنا ـ إلى أن قال ـ : وقال علماؤنا : إذا أذّنت المرأة أسرّت بصوتها لئلّا تسمعه الرجال ، وهو عورة. وقال الشيخ : يعتدّ بأذانهنّ [ للرجال ]. وهو ضعيف ؛ لأنّها إن أجهرت ، ارتكبت معصية ، والنهي يدلّ على الفساد ، وإلّا فلا اجتزاء به ؛ لعدم السماع (٢). انتهى.
وعن المصنّف في المعتبر أنّه قال : ويجوز أن تؤذّن للنساء ، ويعتددن به ، وعليه إجماع علمائنا ؛ لما روي من جواز إمامتها لهنّ ؛ وإذا جاز أن تأمّهنّ جاز أن تؤذّن لهنّ ؛ لأنّ منصب الإمامة أتمّ ، وتسرّ أذانها ، ولا تؤذّن للرجال ؛ لأنّ صوتها عورة ، ولا يجتزأ به. [ و] قال في المبسوط : يعتدّ به ويقيمون ؛ لأنّه لا مانع منه. لنا : أنّها إن أجهرت ، فهو منهيّ عنه ، والنهي يدلّ على الفساد ، وإن أخفتت ، لم يجتزأ
__________________
(١) المبسوط ١ : ٩٧ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٢٥٨.
(٢) منتهى المطلب ٤ : ٣٩٧ ـ ٣٩٨ ، الفروع ١ ـ ٣ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ٣٦١ ، وما بين المعقوفين أثبتناه من المصدر.