يؤذّن في الأولى ويقيم في البقيّة» (١) ؛ لورودها في مقام يناسبه التخفيف ورفع الكلفة ، فلا يفهم منها إلّا الرخصة في الترك ، لا لزومه وعدم مشروعيّة الفعل.
وكذا لا ينافيها ما روي مرسلا من أنّ النبى صلىاللهعليهوآلهوسلم شغل يوم الخندق عن الظهرين والعشاءين حتى ذهب من الليل ما شاء الله ، فأمر بلالا فأذّن للأولى وأقام للبواقي (٢) ، فإنّه ـ بعد ارتكاب التكلّف في توجيهه بما لا ينافي العصمة ، والغضّ عن سنده ، وعدم ثبوته من طرقنا ـ حكاية فعل أمكن أن يكون وجهه بيان الرخصة في الترك.
هذا ، ولكنّ الإنصاف قصور الأدلّة المزبورة عن إثبات المدّعى.
والذي يقوى في النظر تبعيّة القضاء للأداء في الحكم ، فإن قلنا بأنّ سقوط الأذان عمّن جمع في الأداء عزيمة لا رخصة ، ففي القضاء أيضا كذلك. وإن قلنا بأنّه رخصة ، ففي القضاء أيضا رخصة ، كما أشار إلى ذلك الشهيد في دروسه حيث قال : ويجتزئ القاضي بالأذان لأوّل ورده ، والإقامة للباقي وإن كان الجمع بينهما أفضل ، وهو ينافي سقوطه عمّن جمع في الأداء ، إلّا أن نقول : إنّ السقوط فيه تخفيف ، أو أنّ الساقط أذان الإعلام ؛ لحصول العلم بأذان الأولى ، لا الأذان الذكري ، ويكون الثابت في القضاء الأذان الذكري ، وهذا متّجه (٣). انتهى ؛ إذ غاية ما يمكن
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ / ٩٣٦ ، الاستبصار ١ : ٤٥٩ / ١٧٨٣ ، الوسائل ، الباب ٤ من أبواب قضاء الصلوات ، ح ٢.
(٢) سنن النسائي ٢ : ١٧ ـ ١٨ ، سنن الترمذي ١ : ٣٣٧ / ١٧٩ ، سنن البيهقي ١ : ٤٠٣ ، مسند أحمد ١ : ٣٧٥ ، مسند الطياليسي : ٤٤ / ٣٣٣ ، ورواه مرسلا الشهيد في الذكرى ٣ : ٢٣٠.
(٣) الدروس ١ : ١٦٥.