ربما كان يصلّي يوم الجمعة ستّ ركعات إذا ارتفع النهار ، وبعد ذلك ستّ ركعات أخر ، وكان إذا ركدت الشمس في السماء قبل (١) الزوال أذّن وصلّى ركعتين ، فما يفرغ إلّا مع الزوال ، ثمّ يقيم للصلاة فيصلّي الظهر ويصلّي بعد الظهر أربع ركعات ثمّ يؤذّن ويصلّي ركعتين ثمّ يقيم فيصلّي العصر» (٢).
ويحتمل أن يكون المراد بالموثّقة الثانية الحكم التكليفي ، أي النهي عن التطوّع بين الصلاتين عند عدم التفريق ، فيكون محمولا على الكراهة وإن لا يخلو عن بعد ؛ حيث إنّه يظهر من كثير من الأخبار أنّ هذا ممّا لا بأس به ، فالأقرب حمل هذه الموثّقة أيضا على ما يظهر من موثّقته الأولى.
وكيف كان فالموثّقة الأولى بظاهرها تدلّ على أنّ الفصل بين الفريضتين بالتطوّع مانع عن حصول الجمع بينهما ، والظاهر أنّه أريد به مانعيّته حقيقة ، لا من باب التعبّد الشرعي ، فتدلّ بالفحوى على ممانعة سائر المشاغل التي لا تعلّق لها بالصلاة ممّا هو أوضح حالا من التطوّع في المانعيّة عن حصول الجمع.
هذا ، مع أنّه لا حاجة لنا إلى إثبات حصول التفريق بالفصل المعتدّ به ونحوه ممّا تفوت به المتابعة العرفيّة ، بل نقول : إنّ القدر المتيقّن الذي يمكن استفادته من النصوص والفتاوى إنّما هو جواز الاكتفاء بأذان الأولى ، وسقوطه عن الثانية فيما إذا أتى بالثانية عقيب الأولى بلا فصل يعتدّ به ، أو حصول فاصل أجنبيّ من تطوّع ونحوه.
__________________
(١) في الأمالي : «قبيل».
(٢) الأمالي ـ للطوسي ـ : ٦٩٥ ـ ٦٩٦ / ١٤٨٢ ـ ٢٥ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ، ح ٤.