وقضيّة ذلك سقوط أذان الثانية فيما لو أتى بالأولى في أوّل وقتها والثانية في آخره حتى مع الاشتغال في خلالهما بالأمور المباينة للصلاة من نوم ونحوه ، وعدم السقوط فيما لو جمع بينهما بتأخير الأولى إلى آخر وقتها وتقديم الأخيرة في أوّل وقتها.
وهذا ممّا لا يساعد عليه دليل ، بل المتبادر من نصوص الجمع إرادة فعلهما بلا فصل يعتدّ به ، كما ربما يشهد له أيضا الموثّقة المتقدّمة (١) المصرّحة بأنّه إذا كان بينهما تطوّع فلا جمع ؛ فإنّها تدلّ على أنّ العبرة بعدم الفصل ، لا بوقوعهما في وقت إحدى الصلاتين.
وأشكل ممّا ذكر ما ربما يظهر من غير واحد من وقوع الأذان الذي يؤتى به قبل الفريضتين لصاحبة الوقت ، فلو أتى بالظهرين في وقت العصر ، يكون الأذان للعصر ، فلونواه للظهر يكون تشريعا.
قال في محكيّ الذكرى : ولو جمع الحاضر أو المسافر بين الصلاتين ، فالمشهور : أنّ الأذان يسقط في الثانية ، قاله ابن أبي عقيل والشيخ وجماعة ، سواء جمع بينهما في وقت الأولى أو الثانية ؛ لأنّ الأذان إعلام بدخول الوقت ، وقد حصل بالأذان الأوّل ، وليكن الأذان للأولى إن جمع بينهما في وقت الأولى. وإن جمع بينهما في وقت الثانية ، أذّن للثانية ثمّ أقام وصلّى الأولى ؛ لمكان الترتيب ، ثمّ أقام للثانية (٢). انتهى.
وأنت خبير بأنّه ليس في شيء من الأدلّة إشعار بهذا التفصيل ، بل ظاهرها إمّا
__________________
(١) في ص ٢٤٣.
(٢) الذكرى ٣ : ٢٣٠ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٧ : ٣٨٠.