فلا حتى ينزل على الأرض» (١).
وحكي عن المفيد الالتزام بظاهر هذه الأخبار من اعتبار القيام في الإقامة لدى التمكّن ، بل ربما يظهر من العبارة التي حكي عنه التزامه به في الأذان أيضا في الجملة.
قال في محكيّ المقنعة : لا بأس أن يؤذّن الإنسان جالسا إذا كان ضعيفا في جسمه وطول القيام يتعبه ويضرّه أو كان راكبا جادّا في مسيره ، ولمثل ذلك من الأسباب ، ولا يجوز له الإقامة إلّا وهو قائم متوجّه إلى القبلة مع الاختيار (٢). انتهى.
والظاهر أنّ مراده بالبأس المفهوم من كلامه بالنسبة إلى الأذان الكراهة ، وإلّا فهو شاذّ محجوج بما عرفت.
وأمّا بالنسبة إلى الإقامة فربما يساعده على ما ذهب إليه بظاهر كلامه ظواهر الأخبار المتقدّمة.
ولكنّ المشهور بين الأصحاب ـ رضوان الله عليهم ـ على ما نسب (٣) إليهم :عدم اعتبار القيام فيها ، وكونه مستحبّا أي شرطا لكمالها ، لا للصحّة.
وهذا لا يخلو عن وجه ؛ فإنّ استفادة التقييد بالنسبة إلى أصل الطبيعة في المستحبّات ـ التي لا منافاة فيها بين كون قسم خاصّ منها مطلوبا بخصوصه مع بقاء جنسه على صفة المطلوبيّة ـ من مثل هذه الأخبار ـ التي ورد فيها الأمر بقسم خاصّ ، أعني الإقامة قائما ، أو النهي عمّا عداه ، أي الفاقد للخصوصيّة ـ لا تخلو عن
__________________
(١) مسائل عليّ بن جعفر : ١٧٤ / ٣٠٩ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ١٥.
(٢) المقنعة : ٩٩ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٢٧٤.
(٣) الناسب هو المجلسي في بحار الأنوار ٨٤ : ١١٤.