وربما يستشعر من قوله عليهالسلام في صحيحة داود : «ليس عليه شيء» ومن التعليل الواقع في صحيحة زرارة : بأنّ الأذان سنّة : كون هذه الروايات مسوقة لدفع توهّم الوجوب ، فمن هنا قد يتوهّم أنّها لا تدلّ إلّا على جواز المضيّ ، لا وجوبه ، كي يتحقّق التنافي بينها وبين صحيحة الحلبي ، المتقدّمة (١) وغيرها من الأخبار.
ويدفعه : أنّ ورودها في مقام توهّم الوجوب لا يصلح مانعا عن ظهور قوله عليهالسلام : «فليمض» ـ في الرواية الأولى ـ في الوجوب ، و «لا يعيد» ـ في الثانية ـ في الحرمة ، بل التعليل بأنّ الأذان سنّة ربما يؤكّد هذا الظاهر بعد الالتفات إلى أنّ الصلاة في حدّ ذاتها ممّا يحرم قطعها ، وأنّ السنّة لا تنقض الفريضة ، فالخبران الأوّلان ـ أي خبرا زرارة ـ ظاهرهما وجوب المضيّ وحرمة الاستئناف ، ولكن يتعيّن صرفهما عن هذا الظاهر بالحمل على إرادة الجواز الغير المنافي لاستحباب الإعادة ؛ جمعا بينهما وبين صحيحة الحلبي وغيرها ممّا هو صريح في الجواز.
وتقييدهما بما إذا دخل في الركوع ؛ جمعا بينهما وبين صحيحة الحلبي في غاية البعد ، بل لا ينبغي الارتياب في عدم إرادته منهما.
وربما يظهر من بعض الأخبار أنّه لو تذكّر قبل أن يقرأ ، رجع ، وإلّا مضى في صلاته.
كصحيحة محمّد بن مسلم عن أبي عبد الله عليهالسلام قال في الرجل ينسى الأذان والإقامة حتّى يدخل في الصلاة ، قال : «إن كان ذكر قبل أن يقرأ فليصلّ على النبي صلىاللهعليهوآله وليقم ، وإن كان قد قرأ فليتمّ صلاته» (٢).
__________________
(١) في ص ٢٨٣.
(٢) الكافي ٣ : ٣٠٥ / ١٤ ، التهذيب ٢ : ٢٧٨ / ١١٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٠٣ ـ ٣٠٤ / ١١٢٦ ، وليس فيه «وليقم» ، الوسائل ، الباب ٢٩ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ٤.