العبادة ممّا لا محذور في استحقاق أجرته من الغير ، كمراعاة الوقت في الأذان ، فكأنّ عدم جواز الأجرة على نفس العبادة لديه مفروغ عنه ، فيرى جوازه في الأذان ـ على تقدير التسليم ـ على مراعاة الوقت ، لا على نفس الأذان ، ففي كلامه إيماء إلى الوجه الأوّل من أنّ ما يوقعه طاعة لله تعالى يمتنع أن يستحقّ عوضه من غيره ، فهذا الوجه هو عمدة الدليل للمنع.
ولكنّه لا يخلو عن نظر ؛ فإنّه ـ على تقدير تسليمه ـ إنّما يتّجه فيما إذا كانت الفائدة العائدة إلى الغير ـ التي بلحاظها تصحّ إلاجارة على الفعل ـ مترتّبة على ماهيّة العبادة من حيث هي ـ كما لو استأجره على أن يعيد صلاته جماعة ليقتدي به ، أو استأجر إمامه على أن يؤذّن ويقيم لصلاته كي يحصل باقتدائه به فضيلة الائتمام بمن صلّى بأذان وإقامة ـ دون ما إذا كانت الفائدة المصحّحة للإجارة مترتّبة على بعض مصاديقها ، ككونه جهرا ، أو في المسجد ، أو لهذه الجماعة ، إلى غير ذلك من العوارض المشخّصة الموجبة لحصول نفع للغير قابل لأن يقابل بالمال ، فإنّ قصد استحقاق العوض باختياره لهذا الفرد لا ينافي قصد التقرّب بأصل العبادة من حيث هي ، فلا مانع من أن يلتزم به بالخصوص بعقد الإجارة ، اللهمّ إلّا أن يدلّ دليل تعبّديّ من نصّ أو إجماع على خلافه.
وقد استقرب شيخ مشايخنا المرتضى قدس سرّه جواز الإجارة على أحد فردي الواجب المخيّر (١) ، فهذا أولى منه ، كما لا يخفى.
هذا ، مع إمكان منع التنافي بين قصد القربة واستحقاق العوض في الفرض الأوّل أيضا ، أي فيما إذا كانت الإجارة متعلّقة بنفس العبادة من حيث هي ، كما لو
__________________
(١) المكاسب ١ : ٤٣٨.