استأجره على أن يصلّي على ميّته صلاة ليلة الدفن ، التي هي مطلوبة من المباشر ، ولا تصحّ إلّا إذا قصد بفعله امتثال الأمر المتعلّق به بنفسه ولكن مع ذلك يمكن الالتزام بصحّة الإجارة عليها ؛ لما فيها من نفع عائد إلى الميّت قابل لأن يقابل بالمال ، وعدم كون المأمور ـ أي الأجير ـ ملتزما بهذا الفعل شرعا ، أي واجبا عليه كي لا يجوز له تركه ويكون أخذه للمال في مقابله أكلا للمال بالباطل حيث إنّ الأمر المتعلّق به ندبيّ يجوز مخالفته ، ومتى جاز له مخالفة هذا الأمر صحّ استئجاره على موافقته ؛ لما فيها من النفع العائد إلى الميّت ، فمتعلّق الإجارة ليس نفس هذا الفعل من حيث هو كي يكون إيقاعه لله منافيا لاستحقاق عوضه من الغير ، بل امتثال أمر الله بهذا الفعل ، فهو قاصد بفعله امتثال أمر الله ليستحقّ بامتثال أمر الله تعالى أجرته ممّن التزم بهذا الامتثال له ، كما لو أمر المولى عبده بشيء لا على سبيل الحتم واللزوم ، بل على سبيل الندب ، وكان في إطاعته لمولاه بهذا الفعل فائدة تعود إلى الغير ، فللعبد أن لا يطيع مولاه حتّى يأخذ عوضه ممّن يعود النفع إليه ، وليس قصده للعوض من الغير منافيا لقصد الإطاعة ، بل متوقّف عليه ، حيث إنّه جعله عوضا عنها ، لا عن نفس الفعل من حيث هو ، فالإطاعة مقصودة بهذا الفعل ولكن لا من حيث هي ، بل مقدّمة لاستحقاق العوض ، ولا دليل على اعتبار أزيد من ذلك في صحّة العبادة.
اللهمّ إلّا أن يقال بمنافاة قصد العوض من غير الله تعالى للإخلاص الذي دلّت الأدلّة الشرعيّة على اعتباره في العبادات.
وفيه تأمّل ، والله العالم.