ويظهر من هذه الرواية أنّ الفصل بين الأذان والإقامة في حدّ ذاته مستحبّ ، فما جرى ذكره في الأخبار ممّا يتحقّق به الفصل من صلاة أو جلوس أو كلام أو سجدة أو غير ذلك فهو إمّا من باب التمثيل ، أو لكونه أفضل ، أو لبيان أقلّ المجزىء ، فربما يرتفع بهذا التدافع الذي قد يتراءى فيما بين الأخبار ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وربما يؤيّده أيضا قوله عليهالسلام في موثّقة عمّار ، المتقدّمة (١) : «وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو كلام أو تسبيح» فإنّه مشعر بإرادة التمثيل ، وأنّ المقصود بالأصالة هو حصول الفصل فيما بينهما.
كما يؤيّده أيضا بل يدلّ عليه موثّقته الأخرى ، قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل ينسى أن يفصل بين الأذان والإقامة بشىء حتّى أخذ في الصلاة وأقام الصلاة ، قال : «ليس عليه شيء ، وليس له أن يدع ذلك عمدا» سئل ما الذي يجزىء من التسبيح بين الأذان والإقامة؟ قال : «يقول : الحمد لله» (٢).
وما في هذه الموثّقة من أنّه «ليس له أن يدع ذلك عمدا» فهو محمول على تأكّد الاستحباب ، أو كراهة الترك ، وكذا ما في بعض الأخبار المتقدّمة (٣) من التعبير بلفظ الأمر أو اللّابدّيّة أو نحو ذلك ؛ إذ لم ينقل القول بوجوبه عن أحد ، بل يظهر من غير واحد دعوى الإجماع عليه ، مع أنّ التدبّر في الأخبار يعطي ظهورها في الاستحباب ، كما لا يخفى على المتأمّل.
__________________
(١) في ص ٣٣٣.
(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٠ / ١١١٤ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب الأذان والإقامة ، ح ٥.
(٣) في ص ٣٣٣ و ٣٣٦.