الماء من آنية مغصوبة ـ أمور خارجة عن ماهيّة الغسل ليست معتبرة في الغسل إلّا من باب المقدّمة ، فلا تؤثّر حرمتها في فساد الغسل عند عدم الانحصار ، كما تقرّر في محلّه.
وما يقال من أنّه يعتبر في حصول مفهوم الغسل جريان الماء على العضو المغسول ، وهو عبارة عن انتقاله من عضو إلى آخر ، فهو حركة توليديّة من فعل المكلّف ، وقد تعلّق التكليف به بهذه الملاحظة ، فيمتنع اجتماعه مع الحرام إذا كان عبادة كما في الفرض. وتوهّم قصور الأدلّة عن إفادة حرمة مثل هذا التصرّف قد عرفت اندفاعه آنفا ، مدفوع بما حقّقناه في محلّه من أنّ العبرة في باب الوضوء والغسل إنّما هو بوصول الماء إلى العضو ، لا بجريانه عليه ، كما شهد بذلك الصحيح الناطق بأنّه «إذا مسّ جلدك الماء فحسبك» (١).
ولكنّ الأقوى هو البطلان ؛ فإن كون وصول الماء أو جريانه مناطا للصحّة لا يقتضي خروج هذه الأفعال ـ التي يتحقّق بها الوصول والجريان ـ عن ماهيّة الغسل المأمور به ، فغسل الرجل وجهه بالماء عند استعمال يده فيه عبارة عن العمل الخارجي المشاهد المحسوس الذي به يحصل انغسال العضو وذهاب وسخه ، كما أنّ غسل الثوب في الإجّانة ـ مثلا ـ عبارة عن العمل الخاصّ المشتمل على الفرك والدلك وغيرهما ممّا هو في الحقيقة من العوارض المشخّصة لاستعمال الماء الموثّر في إزالة الوسخ ، الذي هو حقيقة الغسل ، فغسل الوجه المأمور به في الوضوء ـ مثلا ـ ليس مجرّد وصول الماء إليه ، الذي هو أثر فعل
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٢ / ٧ ، التهذيب ١ : ١٣٧ / ٣٨١ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤١٧ ، الوسائل ، الباب ٥٢ من أبواب الوضوء ، ح ٣.