المغصوب ، فقد حكي عن الفاضلين في المعتبر والمنتهى ، وصاحب المدارك وشيخنا البهائي القول بصحّته ؛ معلّلا بأنّ الكون ليس جزءا ولا شرطا فيه (١) ، خلافا لما حكي عن غير واحد من الجزم بالبطلان (٢) ، بدعوى اتّحاد أفعاله مع الغصب. وهو لا يخلو عن إشكال.
وأشكل منه الأغسال الواجبة والمندوبة حيث إنّه يعتبر في الوضوء المسح الذي هو عبارة عن إمرار الماسح على الممسوح الذي هو عين الحركة التي لا تأمّل في كونها تصرّفا في المغصوب وإن كان قد يتأمّل في حرمة مثل هذا التصرّف ؛ نظرا إلى قصور الأدلّة عن إفادة الحرمة لمثل هذه التصرّفات الغير المعتدّ بها في العرف ، كما تقدّمت الإشارة إليه آنفا.
ولكنّك عرفت فيما تقدّم أنّ الأقوى خلافه ، وأنّ قصور الأدلّة لو سلّم فإنّما هو عند استقلال هذا النحو من التصرّفات بالملاحظة ، لا عند ملاحظتها منضمّة إلى ما عداها من التصرّفات الحاصلة في الغصب ، فلا ينبغي التأمّل في فساد الوضوء من هذه الجهة ، ولكن لو غسل وجهه ويديه في المكان المغصوب ثمّ مسح رأسه ورجليه في خارجه ، فيكون حاله حال الغسل الذي قد يقوى في النظر صحّته ؛ نظرا إلى أنّ المعتبر في ماهيّته ليس إلّا غسل الأعضاء وإمرار اليد على العضو ، وغيرها من الآلات التي يستعان بها على إجراء الماء على العضو ـ كأخذ
__________________
(١) المعتبر ٢ : ١٠٩ ، منتهى المطلب ٤ : ٢٩٨ ، مدارك الأحكام ٣ : ٢١٨ ، الحبل المتين : ١٥٨ ، وحكاه عنهم العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ١٩٨.
(٢) حكاه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ١٩٨ عن نهاية الإحكام ١ : ٣٤٢ ، والذكرى ٣ : ٨٠ ، والدروس ١ : ١٥٣ ، والموجز الحاوي (ضمن الرسائل العشر) : ٤٢ ، وكشف الالتباس ١ : ١٦٨ ، وروض الجنان ٢ : ٥٨٧ ، والمقاصد العليّة : ١٨٤ ، ومجمع الفائدة والبرهان ٢ : ١١٢.