تنزيل تلك الأخبار المستفيضة على فرض نادر التحقّق ، فالأولى حمل الصحيحة على التقيّة حيث حكي القول بمضمونها ـ أى الاكتفاء بالنيّة ـ عن بعض العامّة (١).
ويحتمل قويّا أن يكون الأمر بالمضيّ ـ مع سبق النيّة التي هي أمارة الفعل ـ لعدم حصول الجزم بالترك في مثل الفرض ، أو كونه جزما في غير محلّه ؛ حيث إنّ نسيان التكبيرة ـ التي هي افتتاح الصلاة ـ كاد أن يكون ممتنعا في العادة بالنسبة إلى المنفرد المستقلّ بصلاته ، كما أشار إليه الصادق عليهالسلام في مرسلة الصدوق حيث قال عليهالسلام : «[ الإنسان ] لا ينسى تكبيرة الافتتاح» (٢).
وعلى تقدير تحقّقه فلا يكاد يحصل الجزم به بعد دخوله في الصلاة ، خصوصا مع تذكّره لنيّته السابقة المقتضية لجريها على لسانه بحسب العادة من غير التفات تفصيلي.
وفي قوله عليهالسلام في بعض الأخبار المتقدّمة (٣) : «ولكن كيف يستيقن!؟» إشارة إلى ذلك.
والحاصل : أنّه لا يبعد حمل الرواية على الشاكّ ، دون من حصل له العلم بالترك ، كما أنّه لا يبعد ارتكاب هذا التوجيه أيضا في بعض الأخبار الآتية ، فقوله عليهالسلام : «أليس كان من نيّته» إلى آخره ، للتنبيه على بعض الأمارات المورثة لإزالة الوسوسة التي يجدها الشاكّ ، والله العالم.
__________________
(١) حلية العلماء ٢ : ٨٩ ، المجموع ٣ : ٢٩٠.
(٢) الفقيه ١ : ٢٢٦ / ٩٩٨ ، الوسائل ، الباب ٢ من أبواب تكبيرة الإحرام ، ح ١١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٣) في ص ٤٣٠ ـ ٤٣١.