الأخرس في الغالب بإبراز مقاصده بهذه الكيفيّة ، فيقوم مقام لفظه.
فالأظهر : اعتبارهما معا ؛ للخبر المزبور المنجبر بما سمعت ، بل لا يبعد أن يدّعى أنّه هو الذي تقتضيه قاعدة الميسور بملاحظة ما أشرنا إليه من قيامهما مقام لفظه في العادة ، وكون المجموع أو في بتأدية المقاصد.
وكيف كان ففي المدارك في تفسير المعنى الذي حكموا بوجوب أن يعقد قلبه بها قال : ليس المراد المعنى المطابقي ؛ فإنّ تصوّر ذلك غير واجب على الأخرس ، بل يكفي قصد كونه تكبيرا لله وثناء عليه (١). انتهى.
أقول : الأولى تفسيره بالصورة الذهنيّة التي يقصدها اللّافظ بلفظه ، فإنّ العبرة في مقام امتثال الأمر المتعلّق بالتكبير بعقد القلب بها ، لا بمعناها الخارج عن حقيقة المأمور به ، كما نبّه عليه كاشف اللثام ، حيث قال : المراد عقد القلب بإرادته الصيغة وقصدها ، لا المعنى الذي لها ؛ إذ لا يجب إخطاره بالبال (٢).
توضيح المقام : أنّ إشارة الأخرس تقوم مقام لفظه ، وقد ثبت بالأدلّة المتقدّمة أنّ ماهيّة تكبيرة الافتتاح ـ التي اعتبرها الشارع في الصلاة ـ هي صيغة «الله أكبر» فحالها حال فاتحة الكتاب ، التي لصورتها دخل في مطلوبيّتها وجزئيّتها للصلاة ، ومن الواضح أنّ عقد القلب بمعاني فاتحة الكتاب من غير التفات إلى صورتها ـ التي هي عبارة عن الصورة الخاصّة المعهودة ـ غير مجد وإن توهّمه بعض (٣) ، كما ستعرف ، وإنّما المعتبر هو القصد إلى تلك الصورة المعهودة بتحريك
__________________
(١) مدارك الأحكام ٣ : ٣٢٠.
(٢) كشف اللثام ٣ : ٤٢١.
(٣) الشهيد في الذكرى ٣ : ٣١٣.