لسانه وإشارته ، سواء عقل معناها أم لا ، كما في العجمي الذي لا يعقل مداليل ألفاظها أصلا ، فلا فرق بين الأخرس وغيره في أنّه يجب عليه استحضار ماهيّة التكبير والقراءة وغيرها من الأذكار الواجبة أو المسنونة في ذهنه ، والقصد إليها بداعي القربة ، عدا أنّ الأخرس يقصدها بالإشارة ، وغيره بألفاظها.
نعم ، لو كان المأمور به معانيها المؤدّاة بألفاظها ، كان الواجب على الأخرس في مقام إطاعة أوامرها عقد قلبه بالمعاني ، أي استحضارها في الذهن وتأديتها بالإشارة ، كما أنّ الواجب على غيره أيضا تصوّر تلك المعاني وتأديتها بألفاظها ، ولكنّه ليس كذلك.
ولا ينافي ذلك ما تقدّم آنفا من أنّ الأمر تعلّق بها بلحاظ معانيها ؛ فإنّا لم نقصد بذلك كون معانيها متعلّقة للطلب ، كما نبّهنا عليه فيما سبق ، وإنّما أردنا بذلك بيان كونها ملحوظة للآمر في طلبه كي يتمشّى معه قاعدة الميسور عند تعذّر لفظه ، وإلّا فمتعلّق الطلب إنّما هو صيغتها الخاصّة من حيث هي ، كما في المثال الذي تقدّمت الإشارة إليه ، فجيب على الأخرس كغيره أن يتصوّر ما تعلّق به الطلب ، وهي الصيغة الخاصّة ، ويقصده بالإشارة ، كما أنّه يجب على غيره أن يتصوّره ويقصده باللفظ ، فإن أمكنه تصوّره تفصيلا فهو ، وإلّا فيقصده على سبيل الإجمال بوجه من الوجوه الإجماليّة المتصادقة عليه بتحريك لسانه والإشارة بإصبعه ، ولا يجزئه تصوّر معناه من حيث هو ، كما هو ظاهر المتن وصريح غيره على الأشبه ، إلّا أن يجعله وجها من وجوه الماهيّة المأمور بها ، فيميّزها بهذا الوجه ، والله العالم.