ويحتمل قويّا كون التحديد تقريبيّا قصد به بيان استحباب الرفع إليه تقريبا ، لا على سبيل التحقيق ، فلا ينافيه فعله عليهالسلام فيما حكاه عنه معاوية بن عمّار في صحيحته (١) الأولى من أنّه رفع يديه أسفل من وجهه قليلا ، كما أنّه لا ينافيه أيضا الأمر برفعهما إلى النحر في المرسل (٢) المرويّ عن عليّ عليهالسلام.
نعم ، لو أريد بكونهما أسفل من وجهه أسفليّة جميعهما عن جميع الوجه ، لكان الاختلاف بينهما بيّنا ، فإنّهما حينئذ تكونان حيال المنكبين ، فيتّجه على هذا التقدير ما حكي عن ابن أبي عقيل من أنّه قال : يرفعهما حذو منكبيه أو حيال خدّيه ، ولا يجاوز بهما أذنيه (٣).
ولكن إرادة هذا المعنى من الصحيحة لا تخلو عن بعد ؛ إذ لا يعبّر في العرف عن هذا المعنى بذلك التعبير ، ولكن مع ذلك لا يبعد الالتزام باستحباب الرفع إلى حذاء المنكبين أيضا من باب المسامحة ؛ لنسبته إلى رواية فيما حكاه في الحدائق (٤) عن الفاضلين في المعتبر والمنتهى من أنّهما قالا في بحث الركوع في تكبير الركوع : يرفع يديه حذاء وجهه ، وفي رواية إلى أذنيه ، وبها قال الشيخ (٥). وقال الشافعي : إلى منكبيه (٦) ، وبه رواية عن أهل البيت عليهمالسلام (٧). انتهى.
__________________
(١) تقدّمت الصحيحة في ص ٤٨٢.
(٢) تقدّم المرسل في ص ٤٨٤.
(٣) حكاه عنه الشهيد في الذكرى ٣ : ٢٥٩.
(٤) الحدائق الناضرة ٨ : ٤٦.
(٥) الخلاف ١ : ٣٢٠ ، المسألة ٧٢ ، المبسوط ١ : ١٠٣.
(٦) الأم ١ : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، مختصر المزني : ١٤ ، الحاوي الكبير ٢ : ٩٨ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٧٨ ، حلية العلماء ٢ : ٩٥ ، الوجيز ١ : ٤١ ، الوسيط ٢ : ٩٥ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ١ : ٨٥ ، العزيز شرح الوجيز ١ : ٤٧٥ ، روضة الطالبين ١ : ٣٣٨ ، المجموع ٣ : ٣٠٥ و ٣٠٧ ، المغني والشرح الكبير ١ : ٥٤٧.
(٧) المعتبر ٢ : ٢٠٠ ، منتهى المطلب ٥ : ١٣٣ ـ ١٣٤.