وفيه : أنّه يحتمل قويّا أن يكون المراد بالمساجد الأماكن المعدّة للصلاة ، المسمّاة بالمسجد ، لا مواضع السجود ، وعلى تقدير إرادة هذا المعنى فالمتبادر منه مواضع الجباه دون سائر المواضع.
وأضعف منه الاستدلال له بصحيحة ابن محبوب عن الرضا عليهالسلام : أنّه كتب إليه يسأله عن الجصّ يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى [ ثمّ ] يجصّص به المسجد أيسجد عليه؟ فكتب إليه [ بخطّه ] : «إنّ الماء والنار قد طهّراه» (١) فإنّ مفادها أنّه لو لا أنّ الماء والنار قد طهّراه لم يجز السجود عليه.
وفيه : بعد تسليم الدلالة أنّه يكفي في عدم الجواز كون الطهارة شرطا لجواز السجود في الجملة ولو في خصوص موضع الجبهة ، كما لا يخفى.
وأمّا القول المحكيّ عن السيّد : فاستدلّ له بالنهي عن الصلاة في المجزرة ـ وهي المواضع التي تذبح فيها الأنعام ـ والمزبلة والحمّامات (٢) ، وهي مواطن النجاسة ، فتكون الطهارة معتبرة.
وأجيب عن ذلك : بأنّه يجوز أن يكون النهي عن هذه المواضع من جهة الاستقذار والاستخباث ، الدالّة على مهانة نفس من يستقرّ بها ، فلا يلزم التعدية إلى غيرها. وبالجملة ، النهي عن ذلك نهي تنزيه ، فلا يلزم التحريم (٣) ، كما يؤيّده أنّه قد لا يحصل العلم بنجاسة جميع تلك المواطن.
__________________
(١) الفقيه ١ : ١٧٥ / ٨٢٩ ، التهذيب ٢ : ٢٣٥ / ٩٢٨ ، الوسائل ، الباب ٨١ من أبواب النجاسات ، ح ١ ، وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ / ٧٤٦ و ٧٤٧.
(٣) كما في مدارك الأحكام ٣ : ٢٢٦ ، وذخيرة المعاد : ٢٣٩ ، والحدائق الناضرة ٧ : ١٩٤.