أنّه كان مشهوراً بين علماء عصره من زمن حضوره على استاذه الوحيد البهبهاني إلى يوم وفاته بالضبط والاتقان وصفاء الذات وأنّ أجلّاء العلماء سواء من مشايخه المتقدّم ذكرهم أو من غيرهم كانوا إذا أشكلت عليهم مسألة أرادوا تدريسها أو تصنيفها أو الإفتاء بها ووجدوا الأساطين مضطربين في كلماتهم والأخبار متعارضة متخالفة في مداليلها أو مسانيدها ، سألوه عمّا حقّقه هو في تلك المسألة فإن لم يكن له تحقيق فيها التمسوا منه كتابتها وتحقيقها فيقفون عند قوله وتحقيقه ، لعلمهم بغزارة اطلاعه وجودة انتقاده وشدّة ممارسته لكلمات العلماء وعرفانه بمحطّ أنظار الفقهاء ومأخذ براهينهم واستدلالاتهم ولخبرته بعلم الرجال.
وقد قيل : إنّ تأليف جلّ كتبه أو كلّها إنّما كان بالتماس اسطوانة من هذه الأساطين أو استاذ من هؤلاء الأساتذة. وهذا أمر يظهر بالنظر في ديباجة كتبه المشار إليها. وهذا يدلّ على علوّ شأنه وانفراده في عصره بما لا يشاركه فيه غيره من علماء زمانه.
قال صاحب روضات الجنات : كان من فضلاء الأواخر ومتتبعي فقهائهم الأكابر وقد أذعن بكثرة اطلاعه وسعة باعه في الفقهيّات أكثر معاصرينا الّذين أدركوا فيض صحبته بحيث نقل انّ الميرزا أبا القاسم صاحب القوانين كان إذا أراد في مسألة تشخيص المخالف والمؤالف يرجع إليه فيظفر به.
وقال في ترجمة صاحب القوانين : إنّه كان يرجع في مسائل الفقه عند شكّه في وجود مخالف في المسألة إلى سيّدنا الفقيه المتتبّع السيّد جواد العاملي صاحب مفتاح الكرامة أيّام اقامته عنده ونزوله عليه في قم المباركة.
ولأجل هذه الشهرة الحسنة والاعتبار المقبول المشهور ولأجل هذه السابقة المضيئة كان معظّماً مبجّلاً عند العلماء كافة.
نقل : أنّ استاذه بحر العلوم اعتزل التدريس أيّاماً فاشتد الأمر على تلامذته وعزمُوا على أن يشفعوا لديه وجهاً مقرباً ورسولاً معتبراً فلم يروا في العلماء من يكون لديه أقرب ولا أوجه من صاحب الترجمة فأرسلوه إلى السيّد تشفعاً فلمّا رآه السيّد الطباطبائي استبشر به وجعل يعتذر من اعتزاله عن الدرس بأنّ ذلك