البلاد ، وأثر ما عندكم من جميل الاعتقاد ، وقد ورد علينا رسولكم (١) القائد أبو عبد الله محمد بن أبي الفتح ، أعزه الله تعالى! مقرّرا ما لديكم من الود الراسخ القواعد ، والخلوص الصافي الموارد ، الواضح الشواهد ، وأثنى على مكارمكم الأصيلة (٢) ، وألقى ما عندكم من المذاهب الجميلة ، فقابلنا ذلك بالشكر الذي يتصل سببه ، ويتضح مذهبه ، وسألنا الله أن يجعله ودّا في ذاته ، ووسيلة إلى مرضاته ، وتعرفنا ما كان من تفضلكم بالطريدة المفتوحة المؤخر ، وما صدر عن الرئيس المعروف بالناظر من خدام دار الصنعة بالمرية من قبح محاولته ، وسوء معاملته ، فأمرنا بقطع جرايته وثقافه بمطمورة القصة جزاء لجنايته ، ولو لا أننا توقفنا أن يكون عظيم عقابه مما لا يقع من مقامكم بوفقه ، لمشهور عفافه ورفقه ، لجعلناه نكالا لأمثاله (٣) ، وعبرة لأشكاله ، وقد وجهنا جفنا سفريا لإيساق الخيل التي ذكرتم ، وإيصال ما إليه من ذلك أشرتم ، ويكمل القصد إن شاء الله تعالى تحت لحظ اعتنائكم ، وفضل ولائكم ، هذا ما تزيد عندنا عرفناكم به ، عملا على شاكلة الود الجميل ، والولاء الكريم الجملة والتفصيل ، فعرفونا بما يتزيد عندكم يكن من جملة أعمالكم الفاضلة ، ومكارمكم الحافلة ، والله تعالى يصل سعدكم ، ويحرس مجدكم ، والسلام الكريم عليكم ورحمة الله وبركاته. انتهى.
ومن إنشاء لسان الدين فيما يتعلق بالأندلس وانقطاعها ، وأنها لا غنى لها عن العدوة وغير ذلك ، ما صورته :
المقام الذي بنور سعادته تنجلي الغمّاء وتتصل النعماء ، من نيته قد حصل منها لجانب الله تعالى الانتماء ، واتفقت منها المسمّيات والأسماء ، مقام محل أبينا الذي تتفيأ هذه الجزيرة الغربية أفياء (٤) نيته الصالحة وعمله ، وتثق بحسن العاقبة اعتمادا على وعد الله (٥) تعالى المنزل على خيرة رسله ، وتجتني ثمار النجح من أفنان آرائه المتألقة تألق الصبح حالي ريثه وعجله (٦) ، وتتعرف حالي المودود والمكروه عارفة الخير والخيرة من قبله ، أبقاه الله تعالى يحسم الأدواء
__________________
(١) في ب ، ه «ورد علينا رسولنا إليكم».
(٢) في ه «مكارمكم الأملية».
(٣) نكلت به : أي فعلت به ما ينكل به غيره ويضعف والاسم نكال. وفي القرآن الكريم (فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) وفيه أيضا(جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ).
(٤) الأفياء : جمع فيء ، وهو الظل ، وتتفيؤه : تستظل به.
(٥) في ه «وتثق بحسن العاقبة اعتهادا على وعد الله ...».
(٦) الريث : التمهل.