من غير زيادة ولا نقصان. وقال ابن عباس : «لطيف» بأرزاق عباده «خبير» بما في قلوبهم من القنوط. وقال الكلبي : «لطيف» في أفعاله «خبير» بأعمال خلقه.
وقال مقاتل : «لطيف» باستخراج النبت «خبير» بكيفية خلقه (١).
(لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) عبيدا وملكا ، وهو غني عن كل شيء لأنه كامل لذاته ، ولكنه لما خلق (٢) الحيوان فلا بد في الحكمة من مطر ونبات فخلق هذه الأشياء رحمة للحيوانات وإنعاما عليهم لا لحاجة به (٣) إلى ذلك ، وإذا كان كذلك كان إنعامه خاليا عن غرض عائد إليه ، فكان مستحقا للحمد ، فكأنه قال : إنه لكونه غنيا لم يفعل ما فعله إلا للإحسان ، ومن كان كذلك كان مستحقا للحمد فوجب أن يكون حميدا ، فلهذا قال : (وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)(٤).
قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ) أي ذلل لكم ما فيها فلا أصلب من الحجر ، ولا أشد من الحديد ، ولا أكثر هيبة من النار ، وقد سخرها لكم ، وسخر الحيوانات أيضا حتى ينتفع بها للأكل والركوب والحمل (٥).
قوله : (وَالْفُلْكَ) العامة على نصب «الفلك» وفيه وجهان :
أحدهما : أنها عطف على (ما فِي الْأَرْضِ) أي سخر لكم ما في الأرض وسخر لكم الفلك ، وأفردها بالذكر وإن اندرجت بطريق العموم تحت «ما» في قوله (ما فِي (٦) الْأَرْضِ) لظهور الامتنان بها ، ولعجيب تسخيرها دون سائر المسخرات ، و «تجري» على هذا حال (٧).
والثاني : أنها عطف على الجلالة ، وتقديره : ألم تر أنّ (٨) الفلك تجري في البحر ، ف «تجري» خبر على هذا (٩). وضم لام «الفلك» هنا الكسائي فيما رواه عن الحسن ، وهي قراءة ابن مقسم (١٠) ، وقرأ أبو عبد الرحمن وطلحة والأعرج وأبو حيوة والزعفراني برفع (وَالْفُلْكَ)(١١) على الابتداء ، و «تجري» بعده الخبر (١٢). ويجوز أن يكون ارتفاعه
__________________
(١) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٣ / ٦٣.
(٢) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ٦٣.
(٣) في ب : بهم. وهو تحريف.
(٤) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٣ / ٦٣.
(٥) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٦٣.
(٦) ما : سقط من ب.
(٧) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٤٣٧ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٣١٥ ، التبيان ٢ / ٩٤٧ ، البحر المحيط ٦ / ٣٨٧.
(٨) في ب : إلى. وهو تحريف.
(٩) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ١٣٥ ، التبيان ٢ / ٩٤٧ ، البحر المحيط ٦ / ٣٨٧.
(١٠) البحر المحيط ٦ / ٣٨٧.
(١١) المرجع السابق.
(١٢) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٣١٥ ، التبيان ٢ / ٩٤٨ ، البحر المحيط ٦ / ٣٨٧.