الكلبي : تعرف في وجوههم الكراهية للقرآن. وقال ابن عباس : التجبر والترفع. وقال مقاتل : أنكروا أن يكون من الله (١).
قوله : (يَكادُونَ يَسْطُونَ) هذه حال إما من الموصول ، وإن كان مضافا إليه لأن المضاف جزؤه (٢) وإما من الوجوه لأنها يعبّر بها عن أصحابها كقوله : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ)(٣) ثم قال : (أُولئِكَ هُمُ)(٣). و «يسطون» ضمن معنى يبطشون فتعدى تعديته (٤) ، وإلا فهو متعدّ ب (على). يقال : سطا عليه ، وأصله القهر والغلبة (٥) ، وقيل : إظهار ما يهول للإخافة ، ولفلان سطوة أي تسلط وقهر. وقال الخليل (٦) والفراء (٧) والزجاج (٨) : السطو شدة البطش والمعنى يهمون بالبطش والوثوب تعظيما لإنكار ما خوطبوا به (٩). أي : يكادون يبطشون (بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا) أي بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأصحابه من شدة الغيظ ، يقال : سطا عليه وسطا به إذا تناوله بالبطش والعنف (١٠) ثم أمر رسوله بأن يقابلهم (١١) بالوعيد فقال : (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ) أي بشر لكم وأكره إليكم من هذا القرآن الذي تسمعون. أو من غيظكم على التالين وسطوكم عليهم أو مما أصابكم من الكراهة والضجر بسبب ما تلي عليكم (١٢). قوله : «النار» تقرأ بالحركات الثلاث ، فالرفع (١٣) من وجهين :
أحدهما : الرفع على الابتداء والخبر الجملة من (وَعَدَهَا اللهُ)(١٤) ، والجملة لا محل لها فإنها مفسرة للشر المتقدم كأنه قيل : ما شر من ذلك؟ (فقيل : النار وعدها الله.
والثاني : أنها خبر مبتدأ مضمر كأنه قيل : ما شر من ذلك) (١٥) فقيل : النار أي : هو النار(١٦) وحينئذ يجوز في (وَعَدَهَا اللهُ) الرفع على كونها خبرا بعد خبر (١٧) ، وأجيز أن يكون بدلا من النار. وفيه نظر من حيث إن المبدل منه مفرد ، وقد يجاب عنه بأن الجملة في تأويل مفرد (١٨) ، ويكون بدل اشتمال ، كأنه قيل : النار وعدها الله الكفار.
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٦٧.
(٢) تقدم الكلام في مجيء الحال.
(٣) من قوله تعالى : «وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ»[عبس : ٤٠ ، ٤١ ، ٤٢] ، انظر التبيان ٢ / ٩٤٨.
(٤) أي : تعدى بالباء.
(٥) اللسان (سطا).
(٦) العين (سطو) ٧ / ٢٧٧.
(٧) معاني القرآن ٢ / ٢٣٠.
(٨) معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٤٣٨.
(٩) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٦٨.
(١٠) انظر البغوي ٥ / ٦١٢.
(١١) في ب : يعاملهم. وهو تحريف.
(١٢) انظر الكشاف ٣ / ٤٠.
(١٣) وهو قراءة الجمهور. البحر المحيط ٦ / ٣٨٩.
(١٤) انظر البيان ٢ / ١٧٩ ، الكشاف ٣ / ٤٠.
(١٥) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٦) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٤٣٨ ، الكشاف ٣ / ٤٠ ، البيان ٢ / ١٧٩ ، التبيان ٢ / ٩٤٨.
(١٧) انظر الكشاف ٣ / ٤٠.
(١٨) تقدم الكلام على بدل الجملة من المفرد ، وقد أجازه ابن جني والزمخشري وابن مالك.