و (من مال) حال من الموصول أو بيان له ، فيتعلق بمحذوف ، و (نسارع) خبر (أنّ) والعائد من هذه الجملة إلى اسم (أنّ) محذوف تقديره : نسارع لهم به أو فيه (١) إلا أنّ حذف مثله قليل (٢). وقيل : الرابط بين هذه الجملة باسم «أنّ» هو الظاهر الذي قام مقام المضمر من قوله : (فِي الْخَيْراتِ) ، إذ الأصل نسارع لهم فيه ، فأوقع الخيرات موقعه تعظيما وتنبيها على كونه من الخيرات ، وهذا يتمشّى على مذهب الأخفش ، إذ يرى الربط بالأسماء الظاهرة وإن لم يكن بلفظ الأوّل ، فيجيز زيد الذي قام أبو عبد الله ، إذا كان أبو عبد الله كنية زيد (٣) ، وتقدّمت منه أمثلة. قال أبو البقاء : ولا يجوز أن يكون الخبر (من مال) ، لأنه (إذا) (٤) كان من مال فلا (٥) (يعاب عليهم ذلك ، وإنّما) (٦) يعاب عليهم اعتقادهم أن تلك الأموال خير لهم (٧).
الثاني : أن تكون (ما) مصدرية فينسبك منها ومما بعدها مصدر ، هو اسم (أنّ) ، و «نسارع» هو الخبر ، وعلى هذا فلا بدّ من حذف (أن) (٨) المصدرية قبل «نسارع» ، ليصح الإخبار ، تقديره : أن نسارع. فلمّا حذفت (أن) ارتفع المضارع بعدها ، والتقدير : أيحسبون أن إمدادنا لهم من كذا مسارعة منّا لهم في الخيرات (٩).
الثالث : أنها مهيئة كافة ، وبه قال الكسائي (١٠) في هذه الآية ، وحينئذ (١١) يوقف على (وبنين) ، لأنّه قد حصل بعد فعل الحسبان نسبة من مسند ومسند إليه نحو : حسبت إنّما ينطلق عمرو وإنّما تقوم أنت (١٢). وقرأ يحيى بن وثاب : «إنّما» بكسر الهمزة (١٣) على الاستئناف ، ويكون حذف مفعول الحسبان اقتصارا واختصارا. وابن كثير في رواية «يمدّهم» بالياء (١٤) ، وهو الله تعالى ، وقياسه أن يقرأ «يسارع» أيضا. وقرأ السلمي وابن أبي بكرة (١٥) «يسارع» بالياء وكسر الراء (١٦) ، وفي فاعله وجهان:
أحدهما : الباري تعالى.
__________________
(١) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٢ ، البيان ٢ / ١٨٦ ، التبيان ٢ / ٩٥٧.
(٢) لأن حذف العائد من الجملة إذا كانت خبرا للمبتدأ يجوز في الشعر بلا وصف ضعف ، وهو في غيره ضعيف. انظر شرح الكافية ١ / ٩٢.
(٣) انظر شرح الكافية ١ / ٩٢ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٩.
(٤) إذا : تكملة من التبيان.
(٥) في ب : فلان. وهو تحريف.
(٦) ما بين القوسين تكملة من التبيان.
(٧) التبيان ٢ / ٩٥٧.
(٨) أن : سقط من الأصل.
(٩) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٠٩.
(١٠) انظر القرطبي ١٢ / ١٣١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٩.
(١١) في ب : وح.
(١٢) انظر القرطبي ١٢ / ١٣١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٠٩ ـ ٤١٠.
(١٣) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٠٩.
(١٤) المرجع السابق.
(١٥) هو عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي ، أول مولود بالبصرة ، روى عن أبيه ، وروى عنه ابن سيرين وابن عون وجماعة ، توفي بعد الثمانين. خلاصة تهذيب تذهيب الكمال ٢ / ١٢٦ ـ ١٢٧.
(١٦) المختصر (٩٨) ، المحتسب ٢ / ٩٤ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٣٦٩ ، البحر المحيط ٦ / ٤١٠.