٣٨٠٦ ـ فيا عجبا حتّى كليب تسبّني (١)
أي : يسبني الناس كلهم حتى كليب إلّا أن في البيت دلّ ما بعدها عليها بخلاف الآية الكريمة(٢).
قوله (٣) : (رَبِّ ارْجِعُونِ.) في قوله : «ارجعون» بخطاب الجمع ثلاثة أوجه :
أجودها : أنه على سبيل التعظيم (٤) كقوله :
٣٨٠٧ ـ فإن شئت حرّمت النّساء سواكم |
|
وإن شئت لم أطعم نقاخا ولا بردا (٥) |
وقال الآخر :
٣٨٠٨ ـ ألا فارحموني يا إله محمّد (٦)
وقد يؤخذ من هذا البيت ما يرّد على ابن مالك حيث قال : إنه لم نعلم أحدا أجاز للداعي أن يقول : يا رحيمون قال : لئّلا يوهم خلاف التوحيد ، وقد أخبر تعالى عن نفسه بهذه الصفة وشبهها للتعظيم في مواضع من كتابه الكريم كقوله : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(٧).
الثاني : أنه نادى ربه ثم خاطب ملائكة ربه بقوله : «ارجعون» (٨). ويجوز على هذا الوجه أن يكون على حذف مضاف ، أي : ملائكة ربي ، فحذف المضاف ثم التفت إليه في عود الضمير كقوله(٩): (وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها)(١٠). ثم قال : (أَوْ هُمْ قائِلُونَ)(١٠) التفاتا ل «أهل» المحذوف.
الثالث : أنّ ذلك يدل على تكرير الفعل كأنه قال : ارجعني ارجعني (١١) نقله أبو
__________________
(١) صدر بيت من بحر الطويل ، قاله الفرزدق ، وعجزه :
كأنّ أباها نهشلّ أو مجاشع
(٢) أي : أن ما بعد (حتّى) في البيت دلّ على الجملة المحذوفة ، وفي الآية دلّ ما قبل (حتّى) على الجملة المحذوفة. البحر المحيط ٦ / ٤٢٠ ـ ٤٢١.
(٣) مكان : (قوله) : بياض في الأصل.
(٤) انظر مشكل إعراب القرآن ٢ / ١١٣ ، الكشاف ٣ / ٥٥ ، تفسير ابن عطية ١٠ / ٤٠٠ ، البيان ٢ / ١٨٩ ، التبيان ٢ / ٩٦٠ ، البحر المحيط ٦ / ٤٢١.
(٥) البيت من بحر الطويل ، قاله العرجي. والشاهد فيه مخاطبة الواحدة بلفظ جمع المذكر تعظيما. وقد تقدّم تخريجه.
(٦) صدر بيت من بحر الطويل ، لم أهتد إلى قائله وعجزه :
فإن لم أكن أهلا فأنت له أهل
وهو في الكشاف ٣ / ٥٥ ، البحر المحيط ٦ / ٤٢١ ، شرح شواهد الكشاف (٩٩).
(٧) [الحجر : ٦].
(٨) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٤٠٠ ، التبيان ٢ / ٩٦٠ ، البحر المحيط ٦ / ٤٢١.
(٩) في ب : في قوله.
(١٠) من قوله تعالى : «وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ» [الأعراف : ٤].
(١١) في الأصل : ارجعون ارجعون.