أن يثبت له الحق على أمه أو أخيه أو أبيه ثم قرأ ابن مسعود (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ)(١) وروى عطاء عن ابن عباس : أنّها النفخة الثانية (٢).
(فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ) أي : لا يتفاخرون في الدنيا ولا يتساءلون سؤال تواصل كما كانوا يتساءلون في الدنيا من أنت؟ ومن أي قبيلة أنت (٣)؟ ولم يرد أنّ الأنساب تنقطع.
فإن قيل : أليس قد جاء في الحديث : «كل سبب (٤) ونسب ينقطع إلا سببي (٥) ونسبي» (٦) قيل معناه : لا ينفع يوم القيامة سبب ولا نسب إلّا سببه ونسبه ، وهو الإيمان والقرآن (٧).
فإن قيل : قد قال ههنا (٨)(وَلا يَتَساءَلُونَ) وقال : (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً)(٩). وقال (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ)(١٠).
فالجواب : روي عن ابن عباس أنّ للقيامة أحوالا ومواطن ، ففي موطن يشتد (١١) عليهم الخوف فيشغلهم عظم الأمر عن التساؤل فلا يتساءلون ، وفي موطن يفيقون إفاقة يتساءلون. وقيل : إذا نفخ في الصور نفخة واحدة شغلوا بأنفسهم عن التساؤل ، فإذا نفخ فيه أخرى أقبل بعضهم على بعض وقالوا : (يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا)(١٢). وقيل : المراد لا يتساءلون بحقوق النسب. وقيل : (لا يَتَساءَلُونَ) صفة للكفار لشدة خوفهم ، وأمّا قوله : (وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) فهو صفة أهل الجنة إذا دخلوها (١٣). وعن الشعبي قالت عائشة : يا رسول الله أما نتعارف يوم القيامة أسمع الله يقول : (فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ) فقال عليهالسلام (١٤) «ثلاثة مواطن تذهل فيها كلّ مرضعة عما أرضعت عند رؤية القيامة (١٥) وعند الموازين وعلى جسر جهنم» (١٦).
قوله : (فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) لمّا ذكر القيامة شرح أحوال السعداء والأشقياء. قيل المراد بالموازين الأعمال فمن أتي بما له قدر وخطر فهو الفائز
__________________
(١) آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٢ ـ ١٢٣.
(٢) انظر البغوي ٦ / ٤١.
(٣) انظر القرطبي ١٢ / ١٥١.
(٤) في ب : نسب. وهو تحريف.
(٥) في ب : نسبي. وهو تحريف.
(٦) أخرجه البزار والطبراني والحاكم والضياء عن عمر بن الخطاب. الدر المنثور ٥ / ١٥.
(٧) في ب : والقراءة. وهو تحريف. انظر البغوي ٦ / ٤٢.
(٨) من هنا نقله ابن عادل عن الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٣.
(٩) [المعارج : ١٠].
(١٠) [الصافات : ٢٧] ، [الطور : ٢٥].
(١١) في ب : ينشد. وهو تحريف.
(١٢) [يس : ٥٢].
(١٣) آخر ما نقله عن الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٣.
(١٤) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٥) في النسختين ثلاثة مواطن عند رؤية القيامة تذهل فيها كل مرضعة عما أرضعت.
(١٦) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٢٣.