وعبد الله بن مسلم (١) بالتنوين في العدد (٢) ، واستفصح الناس هذه القراءة حتى تجاوز بعضهم الحد كابن جني ففضّلها على قراءة العامة ، قال : لأنّ المعدود متى كان صفة فالأجود الإتباع دون الإضافة ، تقول : «عندي ثلاثة ضاربون» ، ويضعف «ثلاثة ضاربين» (٣) وهذا غلط ، لأن الصفة التي جرت مجرى الأسماء تعطى حكمها ، فيضاف (٤) إليها العدد ، و «شهداء» من ذلك ، فإنه كثر حذف موصوفه ، قال تعالى : (مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ)(٥). و (اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ)(٦) ، وتقول : عندي ثلاثة أعبد ، وكل ذلك صفة في الأصل.
ونقل ابن عطية عن سيبويه أنه لا يجيز تنوين (٧) العدد إلّا في شعر (٨).
وليس كما نقله عنه ، إنما قال سيبويه ذلك في الأسماء نحو «ثلاثة رجال» (٩) وأما الصفات ففيها التفصيل المتقدم.
وفي «شهداء» على هذه القراءة ثلاثة أوجه :
__________________
(١) هو عبد الله بن صالح بن مسلم بن صالح ، أبو أحمد العجلي ، الكوفي ، نزيل بغداد ، مقرىء مشهور ثقة أخذ القراءة عن حمزة الزيات ، وعن سليم ، وروى الحروف عن أبي بكر بن عياش وحفص بن سليمان ، روى عنه الحروف ابنه أبو الحسن أحمد ، وأحمد بن يزيد الحلواني ، مات سنة ٢٢٠ ه.
طبقات القراء ١ / ٤٢٣.
(٢) المختصر (١٠٠) ، المحتسب ٢ / ١٠١ ، البحر المحيط ٦ / ٤٣١.
(٣) ذكر ابن عادل ما قاله ابن جني بالمعنى قال ابن جني : (هذا حسن في معناه وذلك أن أسماء العدد من الثلاثة إلى العشرة لا تضاف إلى الأوصاف ، لا يقال : عندي ثلاثة ظريفين ، إلا في ضرورة إلى إقامة الصفة مقام الموصوف ، وليس ذلك في حسن وضع الاسم هناك ، والوجه عند ثلاثة ظريفون ، وكذلك قوله : «بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ» لتجري «شهداء» على «أربعة» وصفا فهذا هذا) المحتسب ٢ / ١٠١ فابن جني يذكر أصل القاعدة في حكم إضافة العدد من ثلاثة إلى عشرة إلى المعدود ، وأنه لا بد أن يكون المعدود اسما لا وصفا ، فإذا كان وصفا فالأصل التنوين للعدد ثم مجيء المعدود وصفا لهذا العدد.
(٤) في ب : فينضاف.
(٥) من قوله تعالى : «فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً»[النساء : ٤١].
(٦) [البقرة : ٢٨٢].
والاستشهاد بالآيتين الكريمتين على أن لفظ (شهيد) يستعمل استعمال الأسماء فلا يحتاج إلى موصوف قبله ولذلك ساغ إضافة العدد إليه.
(٧) تنوين : سقط من ب.
(٨) تفسير ابن عطية ١٠ / ٤٣٣.
(٩) قال سيبويه : (هذا باب ما لا يحسن أن تضيف إليه الأسماء التي تبين بها العدد إذا جاوزت الاثنين إلى العشرة وذلك الوصف تقول : هؤلاء ثلاثة قرشيون ، وثلاثة مسلمون ، وثلاثة صالحون ، فهذا وجه الكلام ، كراهة أن تجعل الصفة كالاسم ، إلا أن يضطر شاعر) الكتاب ٣ / ٦٦ ، فسيبويه يجيز تنوين العدد إذا كان المعدود صفة ، وذلك في النثر ، ولم ينصّ عليه إذا كان المعدود اسما. ويمكن حمل قول سيبويه : (إلا أن يضطر شاعر) إلى اضطرار الشاعر إلى التنوين في العدد إذا كان المعدود اسما ، أو إضافة الصفة.