الرابع : أنّ الأفعال كلها يجوز أن تعلق قلبية كانت أو غيرها ، فاللام معلقة ل «يدعو» وهو مذهب يونس (١) ، فالجملة بعده والكلام (٢) فيها كما تقدم.
الخامس : أن «يدعو» بمعنى يسمي ، فتكون اللام مزيدة في (٣) المفعول (٤) الأول ، وهو الموصول وصلته ، ويكون المفعول الثاني محذوفا تقديره : يسمي (٥) الذي ضره أقرب من نفعه إلها ومعبودا ونحو ذلك (٦).
السادس : أن اللام مزالة (٧) من موضعها ، والأصل : يدعو من لضره أقرب ، فقدمت من تأخر. وهذا قول الفراء (٨). ورد هذا بأن ما في صلة الموصول لا يتقدم على الموصول (٩).
السابع : أن اللازم زائدة في المفعول به (١٠) وهو «من» التقدير : يدعو من ضره أقرب ، ف «من» موصولة (١١) والجملة بعدها صلتها ، والموصول هو المفعول (١٢) ب «يدعو» زيدت فيه اللام كزيادتها في قوله : (رَدِفَ لَكُمْ)(١٣) في أحد القولين ورد هذا بأن زيادة اللام إنما تكون إذا كان العاملفرعا أو تقدم المفعول. وقرأ عبد الله «يدعو من ضره» بغير لام الابتداء ، وهي مؤيدة (١٤) لهذا الوجه (١٥). وإن لم نجعله متسلطا على الجملة بعده كان فيه ثلاثة أوجه :
أظهرها : أن «يدعو» الثاني توكيد ل «يدعو» الأول (١٦) فلا معمول له ، كأنه قيل : (يدعو يدعو) (١٧) من دون الله الذي لا يضره ولا ينفعه ، فعلى هذا تكون (١٨) الجملة من قوله (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ) معترضة بين المؤكد والمؤكد ، لأن فيها تشديدا وتأكيدا ، ويكون
__________________
(١) سبق أن ذكرنا مذهب يونس في أن التعليق غير مختص بأفعال القلوب ، بل يكون فيها وفي غيرها.
(٢) في ب : الكلام.
(٣) في ب : و.
(٤) في الأصل : الأفعال.
(٥) في ب : ويسمى.
(٦) انظر معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٤١٦ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٦.
(٧) في ب : من آلة. وهو تحريف.
(٨) معاني القرآن ٢ / ٢١٧ ، ونسب مكي هذا الوجه في مشكل إعراب القرآن ٢ / ٩٣ إلى الكسائي وانظر أيضا البيان ٢ / ١٧٠ ، والتبيان ٢ / ٩٣٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٦ ـ ٣٥٧.
(٩) انظر التبيان ٢ / ٩٣٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٧.
(١٠) به : سقط من الأصل.
(١١) في الأصل : موصول.
(١٢) هو المفعول : سقط من الأصل.
(١٣) من قوله تعالى : «قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ» [النمل : ٧٢]. والاستدلال بالآية على أن اللام في قوله «لكم» زائدة في المفعول به ، ويجوز أن لا تكون اللام زائدة ويجعل الفعل على معنى دنا لكم ، أو قرب من أجلكم والفاعل بعض. المغني ١ / ٢١٥ ، التبيان ٢ / ١٠١٣.
(١٤) في الأصل : وهو مئيد. وهو تحريف.
(١٥) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٥٧.
(١٦) [الحج : ١٢] «يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ».
(١٧) ما بين القوسين في ب : يدعو.
(١٨) في ب : وعلى هذا فتكون.