الدائم ، ويحصل له العقاب الدائم ، و (ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ)(١).
قوله : (يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ) إن عصاه ولم يعبده ، (وَما لا يَنْفَعُهُ) إن أطاعه وعبده ، و (ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) عن الحق والرشد (٢) وهذه الآية تدل على أن الآية الأولى لم ترد في اليهود ؛ لأنهم ليس ممن يدعو من دون الله الأصنام. والأقرب أنها واردة في المشركين الذين انقطعوا إلى الرسول على وجه النفاق (٣).
قوله : (يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ). فيه عشرة أوجه ، وذلك أنه إما أن يجعل «يدعو» متسلطا على (٤) الجملة من قوله : (لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ) أو لا ، فإن (٥) جعلناه متسلطا عليها كان فيه سبعة أوجه :
الأول : أنّ «يدعو» بمعنى يقول ، واللام للابتداء و «من» موصولة في محل رفع بالابتداء ، و «ضره» (٦) مبتدأ ثان ، و «أقرب» خبره ، وهذه الجملة صلة للموصول ، وخبر الموصول محذوف تقديره : يقول (٧) للذي ضره أقرب من نفعه : إله ، أو إلهي ، ونحو ذلك ، والجملة كلها في محل نصب ب «يدعو» لأنه بمعنى يقول ، فهي محكية به. وهذا قول أبي الحسن (٨) وعلى (هذا فيكون قوله : (لَبِئْسَ الْمَوْلى) مستأنفا ليس داخلا في المحكي قبله ، لأن الكفار لا يقولون في أصنامهم ذلك (٩)) (١٠). (ورد بعضهم هذا الوجه بأنه فاسد المعنى) (١١) إذ الكافر لا يعتقد في الأصنام أنّ ضرّها أقرب من نفعها البتة (١٢).
الثاني : أنّ «يدعو» مشبه بأفعال القلوب ، لأن الدعاء لا يصدر إلا عن اعتقاد وأفعال القلوب تعلق ف «يدعو» معلق أيضا باللام ، و (لَمَنْ) مبتدأ موصول ، والجملة بعدة صلة ، وخبره (١٣) محذوف على ما مر في الوجه قبله ، والجملة في محل نصب كما يكون كذلك بعد أفعال القلوب (١٤).
الثالث : أن يضم ن «يدعو» معنى يزعم ، فتعلق كما تعلق ، والمعنى (١٥). والكلام فيه كالكلام في الوجه الذي قبله (١٦).
__________________
(١) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٥.
(٢) انظر البغوي ٥ / ٥٥٨.
(٣) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٥.
(٤) على : مكرر في الأصل.
(٥) في ب : وإن.
(٦) في ب : وضر.
(٧) في الأصل : ويقول.
(٨) انظر معاني القرآن للأخفش ٢ / ٦٣٥ ـ ٦٣٦ ، وانظر أيضا معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣ / ٤١٦ مشكل إعراب القرآن ٢ / ٩٣ ، البيان ٢ / ١٧٠ ، التبيان ٢ / ٩٣٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٦.
(٩) انظر التبيان ٢ / ٩٣٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٦.
(١٠) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(١١) ما بين القوسين سقط من ب.
(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٣٥٦.
(١٣) في ب : وجره. وهو تحريف.
(١٤) انظر التبيان ٢ / ٩٣٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٦.
(١٥) والمعنى : سقط من ب.
(١٦) انظر التبيان ٢ / ٩٣٥ ، البحر المحيط ٦ / ٣٥٦.