المخنّث (١). وقال مقاتل : هو الشيخ الهم والعنّين والخصيّ والمجبوب ونحوه (٢).
واعلم أن الخصيّ والمجبوب ومن يشاكلهما قد لا يكون له إربة في نفس الجماع ، ويكون له إربة فيما عداه من التمتع ، وذلك يمنع من أن يكون هو المراد ، فيجب أن يحمل المراد على من لا إربة له في سائر وجوه التمتع لما روت عائشة قالت : كان رجل مخنّث يدخل على أزواج النبيّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فكانوا يعدّونه من غير أولي الإربة ، فدخل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ يوما وهو عند بعض نسائه ، وهو ينعت امرأة فقال : إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع ، وإذا أدبرت أدبرت بثمان (٣). فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ألا أرى هذا يعلم ما ههنا ، لا يدخلنّ هذا» فحجبوه (٤).
وفي رواية عن زينب بنت أم سلمة أن النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ دخل عليها وعندها مخنّث ، فأقبل على أخي أم سلمة ، فقال : «يا عبد الله ، إن فتح الله غدا لكم الطائف دللتك على بنت غيلان ، فإنها تقبل بأربع وتدبر بثمان». فقال عليهالسلام (٥) : «لا يدخلنّ عليكم هذا» فأباح رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ دخول المخنث عليهن ، فلما علم أنه يعرف أحوال النساء وأوصافهنّ علم أنه من أولي الإربة ، فحجبه (٦).
وفي الخصيّ والمجبوب ثلاثة أوجه :
أحدها : استباحة الزينة الباطنة.
والثاني : تحريمها.
(والثالث : تحريمها) (٧) على المخصيّ دون المجبوب (٨).
قوله (٩) : أو الطّفل الّذين لم يظهروا».
تقدم (١٠) في الحج (١١) أن الطفل يطلق على المثنى والمجموع ، فلذلك وصف بالجمع.
وقيل : لما قصد به الجنس روعي فيه الجمع كقولهم : «أهلك النّاس الدّينار الحمر والدّرهم البيض» (١٢). و «عورات» جمع عورة ، وهو ما يريد الإنسان ستره من بدنه ، وغلب في السّوأتين. والعامة على «عورات» بسكون الواو ، وهي لغة عامة العرب ،
__________________
(١) الخنثى : الذي لا يخلص لذكر ولا أنثى ، وهو الذي له ما للرجال والنساء جميعا. اللسان (خنث).
(٢) انظر هذه الأقوال في البغوي ٦ / ١٠٢.
(٣) معنى (تقبل بأربع وتدبر بثمان) : تقبل بأربع طيّات من لحم جسمها وتدبر بثمان منها.
(٤) أخرجه مسلم (سلام) ٤ / ١٧١٦.
(٥) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(٦) أخرجه البخاري (نكاح) ٣ / ٢٦٦ ، ومسلم (سلام) ٤ / ١٧١٥.
(٧) ما بين القوسين سقط من ب.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٢٠٩.
(٩) قوله : سقط من الأصل.
(١٠) في ب : مقدم.
(١١) عند قوله تعالى : «ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً» [الحج : ٥].
(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٤٩.