الآية ففيها ما يدل عليه وهو ذكر الإيمان في قوله (١) : (إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ)، والإيمان لا يتم إلا بالله ورسوله (٢).
قوله : (فَلْيَمْدُدْ) إما جزاء للشرط ، أو خبر للموصول ، والفاء للتشبيه بالشرط. والجمهور على كسر اللام من (لْيَقْطَعْ) ، وسكنها بعضهم كما يسكنها بعد الفاء والواو لكونهن عواطف (٣) ، ولذلك أجروا (ثُمَّ) مجراهما في تسكين هاء (هو) و (هي) بعدها (٤) ، وهي قراءة الكسائي ونافع في رواية قالون عنه (٥).
قوله : (هَلْ يُذْهِبَنَ) الجملة الاستفهامية في محل نصب على إسقاط الخافض ، لأن النظر تعلق بالاستفهام ، وإذا كان بمعنى الفكر تعدى ب (فِي)(٦).
وقوله : (ما يَغِيظُ) «ما» موصولة بمعنى الذي ، والعائد هو الضمير المستتر ، و «ما» وصلتها مفعول بقوله : «يذهبن» أي : هل يذهبن كيده الشيء الذي يغيظه ، فالمرفوع في «يغيظه» عائد على الذي والمنصوب على (مَنْ كانَ يَظُنُّ). وقال أبو حيان : و «ما» في (ما يَغِيظُ) بمعنى الذي والعائد محذوف أو مصدرية (٧). قال شهاب الدين : كلا هذين القولين لا يصح ، أما قوله : العائد محذوف فليس كذلك بل هو مضمر مستتر في حكم الموجود كما تقدم تقريره قبل ذلك ، وإنما يقال: محذوف فيما كان منصوب المحل أو مجروره (٨) ، وأما قوله : أو مصدرية فليس كذلك أيضا ، إذ لو كانت مصدرية لكانت حرفا على الصحيح ، وإذا كانت حرفا لم يعد عليها ضمير وإذا لم يعد عليها ضمير بقي الفعل بلا فاعل ، فإن قلت : أضمر (٩) في (يَغِيظُ) ضميرا فاعلا يعود على (مَنْ كانَ يَظُنُّ).
__________________
(١) في قوله : سقط من ب.
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ١٦ ـ ١٧.
(٣) في الأصل : عواطفا.
(٤) انظر السبعة (١٥١ ـ ١٥٢) ، الكشف ١ / ٢٣٤.
(٥) السبعة (٤٣٤ ـ ٤٣٥) ، الكشف ٢ / ١١٦ ـ ١١٧ ، النشر ٢ / ٣٢٦ ، الإتحاف ٣١٤ ، وحركة لام الطلب الكسرة ، وسليم تفتحها طلبا للخفة ، ويجوز تسكينها بعد الفاء والواو وثم ، وإسكانها بعد الفاء والواو أكثر من تحريكها نحو قوله تعالى : «فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي» [البقرة : ١٨٦] وإسكانها بعد «ثُمَّ» قليل ، وإسكان اللام بعد هذه الحروف يجري مجرى إسكان الهاء من (هو) ، و (هي) بعدها فإسكانها أكثر من تحريكها بعد الفاء والواو ، وقليل بعد «ثُمَّ» انظر شرح المفصل ٣ / ٩٨ ، الهمع ٢ / ٥٥ ، وشرح الأشموني ٤١٤.
(٦) وقال أبو البقاء : (و «هَلْ يُذْهِبَنَّ» في موضع نصب ب «ينظر» التبيان ٢ / ٩٣٧.
(٧) البحر المحيط ٦ / ٣٥٨.
(٨) وذلك أن العائد المرفوع لا يجوز حذفه إلا بشرطين أحدهما : أن يكون مبتدأ غير منسوخ ، وثانيهما : أن يكون خبره مفردا. والعائد هنا فاعل فلا يجوز أن يطلق عليه بأنه محذوف وإنما هو مضمر. واشترط البصريون أيضا في حذف العائد المرفوع في غير صلة (أي) استطالة الصلة ، والكوفيون لا يشترطون ذلك. شرح التصريح ١ / ١٤٣ ـ ١٤٤.
(٩) في ب : الضمير. وهو تحريف.