بعضهم (١) كان الضمير في «يغشاه» عائدا عليه ، وكانت الجملة حالا منه لتخصيصه (٢) بالإضافة ، أو صفة له (٣). قوله (٤) : «من فوقه موج» يجوز أن تكون هذه جملة من مبتدأ وخبر (٥) صفة ل «موج» الأول (٦) ويجوز أن يجعل الوصف الجار والمجرور فقط ، و «موج» فاعل به ، لاعتماده على الموصوف (٧) ، قوله : (مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ) فيه الوجهان المذكوران قبله (٨) من كون الجملة صفة ل «موج» الثاني ، أو الجار فقط.
قوله : «ظلمات». قرأ العامة بالرفع (٩) ، وفيه وجهان :
أجودهما : أن يكون خبر مبتدأ مضمر تقديره : هذه أو تلك ظلمات (١٠).
الثاني : أن يكون «ظلمات» مبتدأ ، والجملة من قوله : (بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) خبره ، ذكره الحوفي (١١) وفيه نظر ، لأنه لا مسوغ للابتداء بهذه النكرة ، اللهم إلا أن يقال : إنها موصوفة تقديرا ، أي: ظلمات كثيرة متكاثفة (١٢) ، كقولهم : «السمن منوان بدرهم» (١٣).
وقرأ ابن كثير : «ظلمات» بالجر ، إلا أنّ البزّي روى عنه حينئذ حذف التنوين من «سحاب» فقرأ البزّيّ عنه : (سَحابٌ ظُلُماتٌ) بإضافة «سحاب» ل «ظلمات». وقرأ قنبل عه التنوين في «سحاب» كالجماعة مع جره ل (١٤) «ظلمات» (١٥). فأما رواية البزّي فقال أبو البقاء : جعل الموج المتراكم بمنزلة السحاب (١٦). وأما رواية قنبل فإنه جعل «ظلمات» بدلا من «ظلمات» الأولى(١٧).
قوله : (بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ) جملة من مبتدأ وخبر في موضع رفع أو جر على حسب القراءتين في «ظلمات» قبلها لأنها صفة لها (١٨). وجوّز الحوفي على قراءة رفع «ظلمات»
__________________
(١) وهو قول أبي علي الفارسي.
(٢) في ب : لتخصيصها. وهو تحريف.
(٣) فتكون الجملة في محل نصب إذا كانت حالا ، ومحل جر إذا كانت صفة.
(٤) قوله : سقط من ب.
(٥) في ب : وخبره.
(٦) انظر التبيان ٢ / ٩٧٣.
(٧) انظر البيان ٢ / ١٩٧ ، التبيان ٢ / ٩٧٣.
(٨) في قوله تعالى :«مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ».
(٩) عدا ابن كثير : السبعة (٤٥٧) الكشف ٢ / ١٣٩ ، النشر ٢ / ٣٣٢ ، الإتحاف (٣٢٥).
(١٠) انظر البيان ٢ / ١٩٧ ، التبيان ٢ / ٩٧٣. وجوّز ابن الأنباري أن يكون بدلا من «سحاب».
(١١) البرهان في علوم القرآن ٦ / ٢٥١.
(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٦٧.
(١٣) المحذوف في هذا القول هو الرابط بين جملة الخبر وبين المبتدأ وتقديره : منوان منه ، وهذا المقدر صفة ل (منوان) ، وهو الذي سوّغ الابتداء بالنكرة.
(١٤) في ب : ك. وهو تحريف.
(١٥) السبعة (٤٥٧) ، الكشف ٢ / ١٣٩ ، النشر ٢ / ٣٣٢ ، الإتحاف (٣٢٥).
(١٦) التبيان ٢ / ٩٧٣.
(١٧) انظر التبيان ٢ / ٩٧٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٦٧.
(١٨) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٦٧.