الثاني : أنه على حذف مضافين (١) ، تقديره : أو كأعمال ذي ظلمات فيقدّر «ذي» ليصح عود الضمير إليه في قوله : (إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ) ويقدر «أعمال» ليصح تشبيه أعمال الكفار بأعمال صاحب الظلمة ، إذ لا معنى لتشبيه العمل بصاحب الظلمة (٢).
الثالث : (٣) أنه لا حاجة إلى حذف البتّة ، والمعنى (٤) : أنه شبّه أعمال الكفّار في حيلولتها بين القلب وما يهتدي به بالظلمة.
وأما الضميران في (أَخْرَجَ يَدَهُ) فيعودان على محذوف دلّ عليه المعنى ، أي : إذا أخرج يده من فيها (٥) و «أو» هنا للتنويع لا للشك (٦). وقيل : بل هي للتخيير ، أي : «شبهوا أعمالهم بهذا(٧) أو بهذا (٨). وقرأ سفيان (٩) بن حسين : «أو كظلمات» بفتح الواو (١٠) ، جعلها عاطفة (١١) دخلت عليها همزة الاستفهام التي معناها التقرير (١٢) ، وقد تقدم ذلك في (١٣) قوله : (أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى)(١٤). قوله : «في بحر لجّيّ» : «في بحر» صفة ل «ظلمات» فيتعلق بمحذوف (١٥). واللّجيّ : منسوب إلى «اللّجّ» وهو معظم (١٦) البحر قاله الزمخشري (١٧).
وقال غيره : منسوب إلى اللّجّة بالتاء ، وهي أيضا معظمه (١٨). فاللّجّيّ : هو العميق الكثير الماء ، وفيه لغتان : كسر اللام ، وضمها (١٩).
قوله : (يَغْشاهُ مَوْجٌ) صفة أخرى ل «بحر» (٢٠) هذا إذا أعدنا الضمير في «يغشاه» على «بحر» وهو الظاهر. وإن قدّرنا مضافا محذوفا ، أي : «أو كذي ظلمات» كما فعل
__________________
(١) في ب : مضاف. وهو تحريف.
(٢) انظر التبيان ٢ / ٩٧٢.
(٣) في ب : الثاني. وهو تحريف.
(٤) في ب : فالمعنى.
(٥) انظر التبيان ٢ / ٩٧٢.
(٦) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٦١.
(٧) بهذا : سقط من ب.
(٨) وهو قول الكرماني. انظر البحر المحيط ٦ / ٤٦١.
(٩) في ب : ابن سفيان. وهو تحريف.
(١٠) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٥٢٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٦١.
(١١) في ب : عاطفت. وهو تحريف.
(١٢) انظر البحر المحيط ٦ / ٤٦١.
(١٣) في : سقط من ب.
(١٤) من قوله تعالى : «أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ» [الأعراف : ٩٨]. انظر اللباب ٤ / ٧٥.
(١٥) انظر التبيان ٢ / ٩٧٣.
(١٦) في ب : يعظم.
(١٧) قال الزمخشري : (اللّجيّ العميق الكثير الماء منسوب إلى اللج وهو معظم ماء البحر) الكشاف ٣ / ٧٨.
(١٨) قال ابن عطية : (واللجيّ معناه ذو اللّجّة ، وهي معظم الماء وغمره) تفسير ابن عطية ١٠ / ٥٢٢ وقال أبو حيان : (اللجّيّ : الكثير الماء ولجة البحر معظمه وكأن لجيّا منسوب إلى اللّجّة) البحر المحيط ٦ / ٤٤٤.
(١٩) في اللسان (لجج) : ولجّج القوم إذا وقعوا في اللّجّة. قال الله تعالى«فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ» قال الفراء : بحر لجّي ولجّيّ كما يقال : سخريّ وسخريّ ، ويقال : هذا لجّ البحر ولجّة البحر.
(٢٠) انظر البيان ٢ / ١٩٧ ، التبيان ٢ / ٩٧٣.