أربع كالعناكب والعقارب والرتيلات (١) والحيوان الذي له أربعة وأربعون رجلا؟
فالجواب : هذا القسم الذي لم يذكر كالنادر ، فكان ملحقا بالعدم (٢). وأيضا قال النقاش : إنه اكتفى بذكر ما يمشي على أربع عن ذكر ما يمشي على أكثر ، لأنّ جميع الحيوان إنما اعتماده على أربع ، وهي قوام مشيه (٣) ، وكثرة الأرجل لبعض (٤) الحيوان زيادة في الخلقة (٥) ، لا يحتاج ذلك الحيوان في مشيه إلى جميعها (٦). قال ابن عطية : والظاهر أن تلك الأرجل الكثيرة ليست باطلا ، بل هي محتاج إليها في نقل الحيوان ، وهي كلها تتحرك في تصرفه (٧).
وجواب آخر وهو أن قوله تعالى : (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ) كالتنبيه على سائر الأقسام (٨).
وفي مصحف أبيّ بن كعب : «ومنهم من يمشي على أكثر» فعم بهذه الزيادة جميع الحيوان ، ولكنه قرآن لم يثبت بالإجماع (٩).
قوله : (يَخْلُقُ اللهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لأنه هو (١٠) القادر على الكل ، والعالم بالكل ، فهو المطلع على أحوال هذه الحيوانات ، فأي عقل يقف عليها؟ وأي خاطر يصل إلى ذرّة (١١) من أسرارها؟ بل هو الذي يخلق ما يشاء كما يشاء ، ولا يمنعه منه مانع (١٢).
قوله : (لَقَدْ (١٣) أَنْزَلْنا آياتٍ مُبَيِّناتٍ). الأولى حمله (١٤) على كل الأدلة. وقيل : المراد القرآن ، لأن كالمشتمل على كل الأدلة والعبر (١٥). (وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وتقدم الكلام في نظائر هذه الآية بين أهل السنة والمعتزلة (١٦).
قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٧) وَإِذا دُعُوا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ
__________________
(١) في النسختين : والرتيلا. والتصويب من الفخر الرازي. والرّتيلى : ضرب من العناكب. المعجم الوسيط (رتل).
(٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧.
(٣) في ب : مقينه. وفي الأصل : مشيته. والتصويب من تفسير ابن عطية.
(٤) في ب : كبعض.
(٥) في ب : الخلق.
(٦) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٥٣٣.
(٧) المرجع السابق.
(٨) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٧.
(٩) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٥٣٣ ، البحر المحيط ٦ / ٤٦٦.
(١٠) هو : سقط من ب.
(١١) في ب : دره. وهو تصحيف.
(١٢) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٩.
(١٣) في ب : ولقد. وهو تحريف.
(١٤) في ب : والأول حمله. وهو تحريف.
(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٩.
(١٦) المرجع السابق.