أي : لا منجى ولا ملجأ (١). قال القاضي : ولذلك لا يوصف (٢) تعالى بأن له (٣) وزيرا (٤).
قوله : (فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) يعني القبط.
قوله : (فَدَمَّرْناهُمْ). العامة على «فدمّرنا» فعلا ماضيا معطوفا على محذوف ، أي : فذهبا فكذبوهما (٥)(فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً) أهلكناهم إهلاكا. وقرأ عليّ ـ كرم الله وجهه ـ «فدمّراهم» أمر (٦) لموسى وهارون (٧) ، وعنه أيضا : «فدمّرانّهم» كذلك أيضا ، ولكنه مؤكد بالنون الشديدة (٨) ، وعنه أيضا : «فدمّرا بهم» بزيادة باء الجر بعد فعل الأمر (٩) ، وهي تشبه القراءة قبلها في الخط ، ونقل عنه الزمخشري «فدمّرتهم» بتاء المتكلم (١٠). فإن قيل : الفاء للتعقيب ، والإهلاك لم يحصل عقيب بعث موسى وهارون إليهم بل بعد (١١) مدة مديدة.
فالجواب : فاء التعقيب محمولة هنا على الحكم بالإهلاك لا على الوقوع. وقيل : إنه تعالى أراد اختصار القصة (١٢) فذكر المقصود منها أولها وآخرها ، والمراد إلزام الحجة ببعثة الرسل ، واستحقاق التدمير بتكذيبهم (١٣). واعلم أن قوله : (كَذَّبُوا بِآياتِنا) إن حملنا تكذيب الآيات على تكذيب الآيات الإلهية فلا إشكال ، وإن حملناه على تكذيب آيات النبوة ، فاللفظ وإن كان للماضي (١٤) فالمراد به المستقبل (١٥).
قوله تعالى : (وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً وَأَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ عَذاباً أَلِيماً (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَأَصْحابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذلِكَ كَثِيراً (٣٨) وَكُلاًّ ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ وَكُلاًّ تَبَّرْنا تَتْبِيراً)(٣٩)
قوله تعالى : (وَقَوْمَ نُوحٍ) الآية. يجوز أن يكون «قوم» منصوبا عطفا على مفعول
__________________
(١) في معاني القرآن وإعرابه : أي لا ملجأ يوم القيامة ولا منجى إلا لمن رحم الله عزوجل. وانظر معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٦٧.
(٢) لا يوصف : سقط من ب.
(٣) في الأصل : بأنه.
(٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨١.
(٥) انظر الكشاف ٣ / ٧٩ ، التبيان ٢ / ٩٨٦ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٨.
(٦) في ب : أمر.
(٧) انظر الكشاف ٣ / ٩٧ ، تفسير ابن عطية ١١ / ٣٩ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٨.
(٨) قال ابن جني : (الذي رويناه عن أبي حاتم أنه حكاها قراءة غير معزوّة إلى أحد «فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً» وقال : كأنه أمر موسى وهارون عليهماالسلام أن يدمراهم. قال أبو الفتح : ألحق نون التوكيد ألف التثنية كما تقول : اضربانّ زيدا ، ولا تقتلان جعفرا) المحتسب ٢ / ١٢٢ ـ ١٢٣. وانظر المختصر (١٠٥) ، تفسير ابن عطية ١١ / ٣٩ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٨.
(٩) المحتسب ٢ / ١٢٢ ، البحر المحيط ٦ / ٤٩٨.
(١٠) قال الزمخشري : (وعن علي ـ رضي الله عنه ـ «فدمّرتهم») الكشاف ٣ / ٣٧.
(١١) في ب : بعده.
(١٢) في ب : اختصاره الفقه. وهو تحريف.
(١٣) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨١.
(١٤) في ب : الماضي.
(١٥) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ٨١.