والعامة «يمشون» بالتخفيف مبنيا للفاعل](١) ، واليماني والسلمي بالتشديد مبنيا للمفعول(٢).
فصل
هذه الإضافة للتخصيص والتفضيل (٣) وإلا فالخلق كلهم عباد الله.
قوله : «هونا» إما نعت مصدر ، أي : مشيا هونا ، وإما حال أي : هيّنين ، والهون : اللين والرفق (٤) ، أي يمشون بالسكينة والوقار متواضعين ، ولا يضربون بأقدامهم أشرا وبطرا (٥) ولا يتبخترون خيلاء (٦). وقال الحسن : علماء حكماء (٧).
وقال محمد ابن الحنفية : أصحاب وقار وعفّة لا يسفهون (٨) وإن سفه عليهم حلموا (٩)(وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ) يعني السفهاء بما يكرهونه (قالُوا سَلاماً). قال مقاتل : قولا يسلمون فيه من الإثم (١٠). وقيل : المعنى : لا نجاهلكم. وقيل : المراد حلمهم في مقابلة الجهل (١١). وقال الأصم : (قالُوا سَلاماً) أي : سلام توديع لا محبة ، كقول إبراهيم ـ عليهالسلام (١٢) ـ لأبيه : (سَلامٌ عَلَيْكَ)(١٣).
قال الكلبي وأبو العالية : نسختها آية القتال (١٤).
قوله : «سلاما» يجوز أن ينتصب على المصدر بفعل مقدر أي : نسلم سلاما أو نسلم تسليما منكم لا نجاهلكم فأقيم السلام مقام التسليم (١٥) ، ويجوز أن ينتصب على المفعول به ، أي : قالوا هذا اللفظ ، قال الزمخشري : أي قالوا سدادا من القول يسلمون فيه من الأذى ، والمراد سلامتهم (١٦) من السفه ، كقوله :
٣٨٨٥ ـ ألا لا يجهلن أحد علينا |
|
فنجهل فوق جهل الجاهلينا (١٧) |
ورجح سيبويه أن المراد بالسلام السلامة لا التسليم ، لأن المؤمنين لم يؤمروا قط
__________________
(١) ما بين القوسين سقط من الأصل.
(٢) المختصر (١٠٥) ، البحر المحيط ٦ / ٥١٢.
(٣) انظر الكشاف ٣ / ١٠٣.
(٤) انظر الكشاف ٣ / ١٠٣ ، البحر المحيط ٦ / ٥١٢.
(٥) البطر : الطغيان عند النعمة وطول الغنى. اللسان (بطر).
(٦) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٧.
(٧) انظر البغوي ٦ / ١٩١.
(٨) في ب : لا يسهون.
(٩) انظر البغوي ٦ / ١٩١.
(١٠) المرجع السابق.
(١١) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٨.
(١٢) في ب : عليه الصلاة والسلام.
(١٣) من قوله تعالى : «قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا» [مريم : ٤٧]. وانظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٨.
(١٤) انظر الفخر الرازي ٢٤ / ١٠٨.
(١٥) انظر الكشاف ٣ / ١٠٣ ، البيان ٢ / ٢٠٨.
(١٦) في ب : سلامهم.
(١٧) الكشاف ٣ / ١٠٣. بتصرف. البيت من الوافر قاله عمرو بن كلثوم ، وقد تقدم وأورده شاهدا على أنهم أمروا بألا يقابلوا الإساءة بمثلها أو بأكبر منها بل بالحسنى.