وقال الكلبي : هم (١) الرقيقة قلوبهم (٢). وقال عمرو بن أوس (٣) : هم الذين لا يظلمون وإذا ظلموا لم ينتصروا (٤).
قوله : (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ). يجوز أن يكون هذا الموصول في موضع جر أو نصب أو رفع ، فالجر من ثلاثة أوجه : النعت للمخبتين ، أو البدل منهم ، أو البيان لهم. والنصب على المدح. والرفع على إضمارهم (٥) وهو مدح أيضا ، ويسميه النحويون قطعا.
والمعنى : إذا ذكر الله ظهر عليهم الخوف من عقاب الله والخشوع والتواضع لله ، والصابرين على ما أصابهم من البلايا والمصائب من قبل الله ، لأنه الذي يجب الصبر عليه كالأمراض والمحن ، فأما (٦) ما يصيبهم من قبل الظّلمة فالصبر عليه غير واجب بل لو أمكنه دفع ذلك لزمه الدفع ولو بالمقاتلة (٧).
قوله : (وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ) في أوقاتها. والعامة على خفض «الصّلاة» بإضافة المقيمين إليها(٨).
وقرأ الحسن وأبو عمرو في رواية بنصبها على حذف النون تخفيفا كما تحذف النون لالتقاء الساكنين (٩). وقرأ ابن مسعود والأعمش بهذا الأصل «والمقيمين الصلاة» بإثبات النون ونصب الصلاة(١٠). وقرأ الضحاك : «والمقيم (١١) الصلاة» بميم (١٢) ليس بعدها
__________________
(١) في الأصل : هو.
(٢) انظر البغوي ٥ / ٥٨٥.
(٣) هو عمرو بن أوس بن أبي أوس الثقفي الطائفي أخذ عن أبيه وعبد الله بن عمرو بن العاص وأخذ عنه النعمان بن سالم وعمرو بن دينار. مات سنة ٧٥ ه.
خلاصة تذهيب تهذيب الكمال ٢ / ٢٨٠.
(٤) انظر البغوي ٥ / ٥٨٥ ، الفخر الرازي ٢٣ / ٣٥ ، الدر المنثور ٤ / ٣٦٠.
(٥) انظر التبيان ٢ / ٩٤٢ ، غير أن أبا البقاء لم يذكر في وجه الجر البيان.
(٦) في ب : وأما.
(٧) انظر الفخر الرازي ٢٣ / ٣٥.
(٨) انظر تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٧٩ ، التبيان ٢ / ٩٤٢ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(٩) المراجع السابقة. أي أن أصل هذه القراءة : والمقيمين الصلاة حذفت النون كما حذفت من اللذين والذين حيث طال الكلام ، أي أنها حذفت للتخفيف ، ومثل هذا الحذف قول الشاعر :
الحافظو عورة العشيرة لا |
|
يأتيهم من ورائنا نطف |
وحذف نون اللذين قول الأخطل :
أبني كليب إنّ عميّ اللذا |
|
سلبا الملوك وفكّكا الأغلالا |
انظر الكتاب ١ / ١٤٦.
(١٠) المختصر (٩٥) تفسير ابن عطية ١٠ / ٢٧٩ ، البحر المحيط ٦ / ٣٦٩.
(١١) في الأصل : والمقيمين. وهو تحريف.
(١٢) بميم : سقط من الأصل.