قوله : (فَكُلُوا مِنْها وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ) أمر إباحة (وأطعموا القانع والمعترّ) (١) اختلفوا في معناهما ، فقال عكرمة وإبراهيم وقتادة : القانع الجالس في بيته المتعفف يقنع بما يعطى ولا يسأل. والمعتر الذي يسأل (٢). قال الأزهري : قال ابن الأعرابي : يقال : عروت فلانا وأعتريته وعررته (٣) واعتررته (٤) : إذا أتيته تطلب معروفه ونحوه (٥).
قال أبو عبيدة : روى العوفي عن ابن عباس : القانع الذي لا يتعرض ولا يسأل ، والمعتر الذي يريك نفسه ويتعرض ولا يسأل (٦). فعلى هذين التأويلين يكون القانع من القناعة ، يقال : قنع قناعة : إذا رضي بما قسم له (٦). وقال سعيد بن جبير والحسن والكلبي : القانع الذي يسأل ، والمعتر الذي يتعرض ولا يسأل (٧). وقيل : القانع الراضي بالشيء اليسير من قنع يقنع قناعة فهو قانع. والقنع بغير ألف هو السائل. ذكره أبو البقاء (٨). وقال الزمخشري القانع السائل من قنعت وكنعت (٩) إذا خضعت له وسألته قنوعا ، والمعترّ : المتعرض بغير سؤال أو (١٠) القانع الراضي بما عنده وبما يعطى من غير سؤال من قنعت قنعا وقناعة ، والمعتر المتعرض للسؤال (١١). انتهى.
وفرق بعضهم بين المعنيين بالمصدر فقال : «قنع يقنع قنوعا» أي : سأل ، وقناعة أي : تعفف ببلغته واستغنى به ، وأنشد للشماخ (١٢) :
٣٧٦٩ ـ لمال المرء يصلحه فيغني |
|
مفاقره أعفّ من القنوع (١٣) |
وقال ابن قتيبة : المعتر المتعرض من غير سؤال ، يقال : عره واعترّه وعراه واعتراه أي : أتاه طالبا معروفه (١٤) ، قال :
__________________
ـ ١٢ / ٦٣ ، البحر المحيط ٦ / ٣٤٧. يقول : إن الشمس والبدر والكواكب كسفت لموت فضالة بن كلدة ، وهو المقصود من قوله: للجبل. لأن البيت من قصيدة يرثيه بها. والشاهد فيه أن وجب بمعنى سقط على جنبه.
(١) ما بين القوسين سقط من ب.
(٢) انظر البغوي ٥ / ٥٨٧ ـ ٥٨٨.
(٣) وعروته : سقط من ب.
(٤) في ب : واعتريت.
(٥) التهذيب : ١ / ٩٩ (عرر).
(٦) انظر البغوي ٥ / ٥٨٨.
(٧) انظر البغوي ٥ / ٥٨٩.
(٨) فإنه قال :(«القانع» بالألف من قولك : قنع به إذا رضي بالشيء اليسير ويقرأ بغير الألف ، من قولك : قنع قنوعا ، إذا سأل) التبيان ٢ / ٩٤٣.
(٩) في الأصل : وكقنعت. وهو تحريف. وكنع يكنع كنوعا وأكنع : خضع ، وقيل : دنا من الذلة ، وقيل : سأل ، وأكنع الرجل للشيء إذا ذل له وخضع. اللسان (كنع).
(١٠) في ب : و.
(١١) الكشاف ٣ / ٣٤.
(١٢) الشماخ هو معقل بن ضرار الغطفاني ، مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام وجعله الجمحيّ في الطبقة الثالثة من شعراء الإسلام. الخزانة ٣ / ١٩٦ ـ ١٩٧.
(١٣) البيت من بحر الوافر قاله الشماخ ، وقد تقدم.
(١٤) بالمعنى من تفسير غريب القرآن (٢٩٣) وبالنص من البحر المحيط ٦ / ٣٤٧.