وجود الدليل كما قيل.
ولو سلّم فغايته اختصاص الآية بالمرض ، لكن لا دلالة فيها ولا في الأخبار على نفي الوجوب في الصدّ ، وإنما الدليل عليه حتى في كلامه إنما هو أصالة البراءة ، وهي معارضة بالاستصحاب المتقدم إليه الإشارة ، ولا حجة لأصالة البراءة في مقابله إلاّ بعد وجود عموم أو إطلاق يمكن رفع الشك بهما ، ولم أر وجوداً لهما هنا كما مضى.
وبالجملة : فأصالة البراءة مخصَّصة بما دلّ على لزوم أحكام الإحرام ، والأصل بقاؤها في موضع الشك إلى أن يثبت الرافع لها ولو عموماً أو إطلاقاً نافعاً ، وقد عرفت فقدهما.
( و ) على المختار فـ ( لا يصح التحلّل ) مطلقاً ( إلاّ بالهدي ) لما مرَّ.
( ونيّةِ التحلّل ) كما صرّح به جماعة (١) ، من غير خلاف بينهم أجده ؛ لأن الذبح يقع على وجوه أحدها التحلل ، فلا ينصرف إليه دون غيره إلاّ بمخصّص وهو النية ، كما في كل عبادة مشتركة.
قيل : لا يقال : نية التحلل غير معتبرة في غير المصدود ، فكيف اعتبرت هنا ، أليس إذا رمى أحلّ من بعض الأشياء وإن لم ينو التحلل؟
لأنا نقول : من أتى بأفعال النسك فقد خرج عن العهدة وأتى بما عليه فيحلّ بإتمام الأفعال ولا يحتاج إلى نية ، خلاف المصدود ؛ لأنا قد بيّنّا أن الذبح لا يتخصص بالتحلل إلاّ بالنية فاحتيج إليها ، دون الرمي الذي لا يكون إلاّ النسك ، فلم يحتج إلى قصد (٢). انتهى.
__________________
(١) منهم : المحقق في الشرائع ١ : ٢٨٠ ، والعلامة في المنتهى ٢ : ٨٤٦ ، والشهيد الأول في الدروس ١ : ٤٧٩.
(٢) المنتهى ٢ : ٨٤٦.