وهو حسن ، ومرجعه إلى أن التعارض بين هذه الأخبار وأخبار الحثّ تعارض العموم والخصوص من وجه ، يمكن تقييد كلّ منهما بالآخر ، وعليه فينبغي أن يصار إلى الترجيح ، وهو مع أخبار الحثّ ، للتواتر الموجب لقطعيتها ، بخلاف هذه ، لأنها من الآحاد المفيدة للظن ، فلا يترجّح على القطع ، سيّما مع تأيّدها بما مرّ من قطع الطواف للوتر مع خوف الفوات.
( واللواحق ) للكتاب أُمور ( أربعة : )
( الأوّل : من أحدث ) شيئاً ممّا يوجب الحدّ أو التعزير أو القصاص ( ولجأ إلى الحرم لم يُقَم عليه ) فيه ( حدّ بجنايته ، ولا تعزير ) ولا قصاص ( و ) لكنه ( يُضيّق عليه في المطعم والمشرب ) والمسكن ، فلا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى ( ليخرج ) فيقام عليه.
( ولو أحدث ) ذلك ( في الحرم قوبل بما يقتضيه جنايته ) من حدّ أو تعزير أو قصاص.
كلّ ذلك بالكتاب (١) والسّنة المستفيضة ، بل المتواترة :
ففي الصحيح : عن رجل قتل رجلاً في الحلّ ثم دخل الحرم ، فقال : « لا يقتل ولا يطعم ولا يسقى ولا يبايع ولا يؤوى حتى يخرج من الحرم فيقام عليه الحدّ » قلت : فما تقول في رجل قتل في الحرم أو سرق؟ قال : يقام عليه الحدّ في الحرم صاغراً ، لانه لم ير للحرم حرمة وقد قال الله عزّ وجلّ ( فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ) فقال : « هذا هو في الحرم » وقال : « (فَلا عُدْوانَ إِلاّ عَلَى الظّالِمِينَ ) » (٢).
__________________
(١) البقرة : ١٩٤ ، آل عمران : ٩٧.
(٢) الكافي ٤ : ٢٢٧ / ٤ ، التهذيب ٥ : ٤١٩ / ١٤٥٦ ، الوسائل ١٣ : ٢٢٥ أبواب مقدمات الطواف ب ١٤ ح ١.