فلو كان صيد هذه الأنواع المحرّمة محرّماً للزم فيه الفداء بمقتضى ما مرّ من التلازم الظاهر من الآية والأخبار ، والتالي باطل ، لما عرفت من الإجماع ، فتعيّن أن المراد بالصيد المحرَّم عليه إنما هو المحلَّل منه ، دون المحرَّم ، وإلاّ للزم إما الفداء فيه مطلقاً ، وهو خلاف الإجماع كما مضى ، أو رفع اليد عن التلازم بين الأمرين الظاهر من الآية والأخبار كما قدّمنا ، ولا سبيل إليه أيضاً ، فإنّ تخصيص الصيد فيهما بالمحلَّل أولى من رفع اليد عن التلازم المستفاد منهما ، سيّما وأنّ التخصيص ولو في الجملة لو عمّم الصيد للمحرّم لازم أيضاً قطعاً.
فما ذكره الماتن من التعريف هنا أقوى ، ولا يحتاج إلى إدخال نحو الثعلب والأرنب في الصيد ، ولا إلى استثنائها من القصر المستفاد من التعريف وإن وقع في الدروس (١) ، لابتنائهما على كون تحريم قتلها لكونها صيداً ، وفيه ما مضى.
بقي الكلام في الخبر الذي مرّ في تفسير الآية وتضمنه الثعلب ، وإشعار عبارة الراوندي بدعوى الإجماع على عموم الصيد للمحرَّم.
ويمكن الجواب عنهما : فالأول بضعف السند (٢). والثاني بالوهن بمعارضته بدعوى كون التخصيص مذهب الأكثر ، وبعد التعارض يبقى العموم في الصيد للمحرَّم بعد ما قدّمناه بلا مستند.
فإذاً التخصيص بالمحلَّل هو المعتمد.
( و ) إذا تمهّد ذلك فاعلم أنه ( لا يحرم صيد البحر ) بالكتاب والسنّة المستفيضة والإجماع ( وهو ما يبيض ويفرخ ) بضم حرف
__________________
(١) الدروس ١ : ٣٥١.
(٢) فإنّ فيه أبا جميلة ، مضافاً إلى الإرسال قبله. ( منه رحمهالله ).