والإنصاف أن ظاهر سياق الآية الأخيرة يفيد التلازم بين حرمة قتل الصيد ولزوم الكفارة ، وأنه مسبّب عنها ، وكذلك ظاهر الأخبار الكثيرة المعتبرة ، كالصحيح : « لا تستحلنّ شيئاً من الصيد وأنت حرام [ ولا وأنت حلال في الحرم ] ولا تدلّنّ عليه محلاًّ ولا محرماً فيصطاده ، ولا تُشر إليه فيستحل من أجلك ، فإن فيه الفداء لمن تعمّده » (١).
والصحيح : « المحرم لا يدلّ على الصيد ، فإن دلّ فعليه الفداء » (٢).
وهذا التلازم لا يتم إلاّ على تقدير تخصيص الصيد بالمحلّل منه ، فإنه الذي وقع الإجماع نصّاً وفتوى على التلازم فيه كلياً دون غيره ، فلم يثبت فيه التلازم كذلك ، بل صرّح الشيخ في المبسوط بأنه لا خلاف يعني بين العلماء في عدم وجوب الجزاء في مثل الحيّة والعقرب والفأرة والغراب والحدأة والذئب والكلب ، وأنه لا يجب الجزاء عندنا في الجوارح من الطير كالبازي والصقر والشاهين والعقاب ونحو ذلك ، والسباع من البهائم كالأسد والنمر والفهد وغير ذلك.
وقال في مثل المتولد بين ما يجب الجزاء فيه وما لا يجب فيه ذلك كالسبع ، وهو المتولد بين الضبع والذئب ، والمتولد بين الحمار الأهلي وحمار الوحش : يجب الجزاء فيه عند من خالفنا ، ولا نصّ لأصحابنا فيه. والأولى أن نقول لا جزاء فيه ؛ لأنه لا دليل عليه ، والأصل براءة الذمة (٣).
انتهى.
__________________
(١) الكافي ٤ : ٣٨١ / ١ ، الوسائل ١٢ : ٤١٥ أبواب الإحرام ب ١ ح ١ وما بين المعقوفين أضفناه من المصدر.
(٢) الكافي ٤ : ٣٨١ / ٢ ، التهذيب ٥ : ٣١٥ / ١٠٨٦ ، الوسائل ١٢ : ٤١٦ أبواب الإحرام ب ١ ح ٣.
(٣) المبسوط ١ : ٣٣٨.