وأما الثاني فلمنع التبادر أوّلاً ، وإلاّ لاختصت الآية بإثبات تحريم أكل الصيد ، لا قتله ، وهو بعيد جدّاً ، بل مخالف لفهم الكل قطعاً.
وثانياً بأن غاية ذلك اختصاص تلك الآية بالمحلَّل ، وهو لا يوجب تقييد إطلاق الآية الأُخرى ( لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ ) (١) وما ضاهاها من إطلاق الأخبار وغيرها.
وبالجملة : فترك التقييد بالمحلَّل وفاقاً لمن مرّ أسدّ.
ويؤيده الخبر في تفسير الآية الأخيرة عند قوله( وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ ) قال : « إنّ رجلاً انطلق وهو محرم ، فأخذ ثعلباً ، فجعل يقرب النار إلى وجهه وجعل الثعلب يصيح ويحدث من استه ، وجعل أصحابه ينهونه عما يصنع ، ثم أرسله بعد ذلك ، فبينما الرجل نائم إذ جاءته حية فدخلت في فيه فلم تدعه حتى جعل يحدث كما أحدث الثعلب ، ثم خلّت » (٢).
وهو كالنص في عموم الآية للثعلب ، ولا قائل بالفرق.
وأما قول الحلبي فلا دخل له بأحد التعريفين كإخباره ـ (٣) إن ابقي على ظاهره من تحريم مطلق الحيوان ، بل هو قول شاذ مخالف للنص والإجماع ، كما صرّح به جماعة من الأصحاب (٤). وإن قيّد بإرادته الحيوان البرّي كالأخبار رجع إلى ما قلناه من عموم الصيد للمحرّم فيؤيده ، مع أنه حكي عن الراوندي أنه مذهبنا (٥) ، معرباً عن دعوى الإجماع ، هذا.
__________________
(١) المائدة : ٩٥.
(٢) الكافي ٤ : ٣٩٧ / ٦ ، الوسائل ١٢ : ٤٣٠ أبواب تروك الإحرام ب ٨ ح ١.
(٣) ليست في « ق ».
(٤) منهم : الشهيد في الدروس ١ : ٣٥٣ ، وصاحب المدارك ٨ : ٣١٣ والحدائق ١٥ : ١٣٨.
(٥) فقه القرآن ١ : ٣٠٦.