أو يقال : إن المتبادر من قوله تعالى : ( وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً ) (١) حرمة أكله ، ولا اختصاص لحرمة المحرّم منه بالمحرم.
وكذا قوله : ( فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ) (٢) فإن المحرّمات ليست كذلك مع أصل الحلّ والبراءة.
وفي الوجهين نظر :
أما الأول فلأن خروج تلك الأفراد المعدودة من المحرّم بالإجماع المنقول المتقدم غايته خروجها خاصة ، لا كلّ ما ليس بمحلَّل ، ولا التجوز بلفظ الصيد في خصوص المحلّل ، فإنّ التخصيص خير من المجاز ، ولا موجب لإخراج ما ليس لإخراجه دليل من نص أو إجماع ، لاختصاصهما فيما وصل إلينا بما مرّ من تلك الأفراد ، هذا.
مع أن الإجماع المنقول عن المبسوط فيما وصل إلينا من عبارته إنما هو على نفي الكفارة والجزاء في تلك الأفراد ، لا انتفاء التحريم ، وأحدهما غير الآخر ، ولا دليل على التلازم بينهما ، كما لا تلازم بين لزوم الكفارة بقتل حيوان وكون وجهه كونه صيداً.
ومنه يظهر ما في تعريف بعضهم الصيد هنا بما في المتن ، وزيادة قوله : ومن المحرّم الثعلب والأرنب والضبّ واليربوع والقنفذ والقمل والزنبور والقطاة (٣). فإن حرمة قتل هذه المحرّمات عليه لم يبيّن كونه من عموم أدلة حرمة الصيد ، ولا موجب لتوهم ذلك غير لزوم الكفارة على قتلها ، وقد عرفت أنه أعم من جهة الصيد.
__________________
(١) المائدة : ٩٦.
(٢) المائدة : ٩٥.
(٣) المسالك ١ : ١٣٣ ، الروضة ٢ : ٢٣٦.