قيل : ولعلّهم استندوا إلى ما مرّ من الأخبار الناطقة بأن الخارج من مكة ليلاً إلى منى يجوز له النوم في الطريق إذا جاز بيوت مكة ؛ لدلالتها على أن الطريق في حكم منى ، فيجوز أن يريد والفضل ، لما مرّ من أن الأفضل الكون إلى الفجر ، والوجوب ، اقتصاراً على اليقين ، وهو جواز الخروج من منى بعد الانتصاف لا من حكمه (١).
وهو كما ترى مع ضعفه كما لا يخفى اجتهاد في مقابلة النص الصحيح المتقدم ، المعتضد زيادةً على الأصل والإطلاقات بصريح الخبر المروي عن قرب الإسناد ، ففيه : « وإن كان خرج من منى بعد نصف الليل فأصبح بمكة فليس عليه شيء » (٢).
وضعف السند ينجبر بفتوى الأكثر ، فما اختاروه أقوى وإن كان ما قاله الشيخ أحوط.
واعلم أنه يجوز لذوي الأعذار [ ترك (٣) ] المبيت حيث يضطرون إليه ؛ إذ لا حرج في الدين. وفي وجوب الدم نظر ، من التردد في كونه كفارةً أو جبراناً ، وظاهر الغنية العدم (٤) ، كما هو مقتضى الأصل.
قيل : ومنه الرعاة وأهل السقاية ، فروى العامة ترخيصهم ، ونفى عنه الخلاف في الخلاف والمنتهى ، وخصّص مالك وأبو حنيفة الرخصة للسقاية بأولاد عباس.
وفي التذكرة والمنتهى : إنه قيل للرعاة ترك المبيت ما لم تغرب
__________________
(١) كشف اللثام ١ : ٣٧٨.
(٢) قرب الإسناد : ٢٤٢ / ٩٥٨ ، الوسائل ١٤ : ٢٥٨ أبواب العود إلى منى ب ١ ح ٢٣.
(٣) أضفناه لاقتضاء المعنى.
(٤) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٨١.