والذي يقتضيه النظر في الجمع بين هذه الأخبار حمل تعدد هذه الغايات على تفاوت مراتب الفضل والاستحباب ، فأعلاها الرجوع إلى موضع الخطيئة وإن أحلاّ وقضيا المناسك ، قبله ، ثم قضاء المناسك ، ثم بلوغ الهدي محلّه كما في الصحيحين ، وهو كناية عن الإحلال بذبح الهدي كما وقع التصريح به في بعض الأخبار المتقدمة.
ولكن الاحتياط يقتضي المصير إلى المرتبة الأعلى ثم الوسطى ، سيّما في الحِجة الأُولى ؛ لكثرة أخبارها وشهرتها ، ولذا قيل : وقد أجاد الإسكافي حيث أفتى بالافتراق في الأداء إلى بلوغهما محل الخطيئة وإن أحلاّ قبله ، وفي القضاء إلى بلوغ الهدي محلّه ، وكذا ابن زهرة وإن لم ينصّ على الإحلال (١).
أقول : وفي الغنية عليه الإجماع (٢).
( ولو كان ذلك ) أي الجماع عامداً عالماً منهما ، أو من أحدهما ( بعد الوقوف بالمشعر لم ) يفسد به الحج ، فلا ( يلزمه الحج من قابل ، و ) لكن ( جبره ببدنة ) بلا خلاف ، بل على الحكمين الإجماع في الغنية والمنتهى وغيرهما (٣) ؛ للأصل ، ومفهوم الصحيح المتقدم (٤) في فساد الحج بالجماع قبل الوقوف بالمشعر في الأول ؛ مضافاً إلى المرسل (٥) والرضوي (٦) فيهما.
__________________
(١) كشف اللثام ١ : ٤٠٥.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٧.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٧٦ ، المنتهى ٢ : ٨٣٥ ؛ وانظر المدارك ٨ : ٤١٣ ، ومفاتيح الشرائع ١ : ٣٢٨.
(٤) في ص : ٣٤٨٣.
(٥) الفقيه ٢ : ٢١٣ / ٩٦٩ ، الوسائل ١٣ : ١١٨ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٦ ح ٢.
(٦) فقه الرضا عليهالسلام : ٢١٧ ، المستدرك ٩ : ٢٩٠ أبواب كفارات الاستمتاع ب ٥ ح ١.