الذمّي غير مُجدٍ بعد ظهور أن يد الودعي يد المستودع ، ولا يأتي هذا المحذور فيما فرضه ، لعدم تسليط له عليهما بما يوجب الاستيفاء ، بل هو المتسلّط عليه والمتكفّل للإيفاء بنحو من البيع جدّاً.
ومن هنا ينقدح الوجه في المنع عن رهن العبد المسلم والمصحف عند كافر ولو وضع عند مسلم ؛ فإنّ رهنهما عنده نوع تسليط له عليهما منفي آيةً (١) واتفاقاً.
وقيل : بالجواز فيهما بعد الوضع في يد المسلم (٢) ؛ لانتفاء السبيل بذلك ، وإن لم يشترط بيعه للمسلم ، لأنه حينئذ لا يستحق الاستيفاء من قيمته إلاّ ببيع المالك أو من يأمره أو الحاكم مع تعذّره ، ومثله لا يعدّ سبيلاً ؛ لتحققه وإن لم يكن هناك رهن.
وفيه نظر ، مع غموض الفرق بينه وبين الخمر التي قد منع عن رهنها القائل المزبور ، فتدبّر.
وأن يكون مما ( يمكن قبضه ويصحّ بيعه ).
فلا يصحّ رهن الطير في الهواء ؛ لعدم إمكان قبضه.
قيل : ولو لم نشترطه أمكن الجواز ؛ لإمكان الاستيفاء منه ولو بالصلح عليه (٣).
وفيه نظر ؛ فإن مجرّد الإمكان مع الندرة غايتها غير محصِّل للمقصود الذاتي بالرهن وهو الاستيثاق ، ومعه لا يحصل عموم يدلّ على لزوم الوفاء بمثله ؛ لما مرّ ، ولعلّه لذا اشترط الشرطين من لم يشترط القبض أيضاً.
__________________
(١) النساء : ١٤١.
(٢) المسالك ١ : ٢٢٧.
(٣) الروضة ٤ : ٧٠.