وقيل : إنما يجوز مزارعته غيره أو مشاركته له إذا كان البذر منه ؛ ليكون تمليك الحصة منوطاً به ؛ ولأن الأصل أن لا يتسلّط على البذر إلاّ المالك أو من أذن له.
وأمّا المساقاة فليس للعامل فيها أن يساقيه ؛ لأنه لا يملك منها سوى الحصّة من الثمرة بعد ظهورها ، والأصل فيها للمالك ، وهو فيها كالبذر في المزارعة ، فيعامل عليه من يملكه ، وهو للعامل مقصود بالعرض كالأرض للمزارع (١).
وهو أحوط في الجملة ، وإن كان القول بعدم اشتراط كون البذر منه في الجواز لا يخلو عن قوة ، مع كونه الأشهر بين الطائفة ، بل عليه الإجماع في ظاهر الغنية (٢). ( إلاّ أن يشترط عليه زرعها بنفسه ) فلا يجوز التعدّي إجماعاً ؛ لأنّ المؤمنين عند شروطهم.
( و ) كذا له مع إطلاق المزارعة ( أن يزرع ما شاء ) على الأظهر الأشهر ، بل عليه عامّة من تأخّر ، وفي ظاهر الغنية (٣) الإجماع عليه ؛ وهو الحجّة.
مضافاً إلى ما قيل من دلالة المطلق على الماهية من حيث هي ، وكلّ فرد من أفراد الزرع يصلح المطلق أن يوجد في ضمنه (٤).
وهو حسن إن تساوت أفراد الماهية في التبادر والغلبة ، وإلاّ فما ذكر محلّ مناقشة ، بل الظاهر تعيّن الراجح بأحد الأمرين ، كما قالوا بمثله في
__________________
(١) المسالك ١ : ٢٩٦.
(٢) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠١.
(٣) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٦٠١.
(٤) الروضة ٤ : ٢٨٠.