بين القولين ؛ لعدم المنافاة ، مضافاً إلى عدم البُعد في المصير إليه بناءً على الوقوف على ظاهر الأُصول ، وعدم الاكتفاء في الخروج عنها بمجرّد الإطلاقات الغير المنصرفة إلى المفروض لعدم تبادره منها.
ويذبّ عن عمومات لزوم الوفاء بالعقود بصرفها إلى ما يتبادر من إطلاقات النصوص في الرهون ، فإنه بملاحظتها والنظر فيما ورد في بعضها مما هو كالتعليل لشرعيّة الرهن بأنه للوثوق الغير الحاصل في أغلب أفراد المفروض يحصل الظن القوي بل المتاخم للعلم بأن عقد الرهن لا يصحّ إلاّ فيما يمكن قبضه وإن لم يشترط إقباضه ، فمضمون العقد الذي يجب الوفاء به هو الصحيح الشرعي الذي يكون المرهون فيه بنفسه مما يمكن قبضه لا غيره ، كما سيأتي في نظائره من عدم لزوم الوفاء فيما لا يمكن قبضه وبيعه ، كالحرّ وشبهه ، المشار إلى حكمه بقوله : ( مملوكاً ) فلا يصحّ رهن الحرّ ، إجماعاً مطلقاً ، من مسلم أو كافر ، عند مسلم أو كافر ؛ إذ لا شبهة في عدم ملكه.
ولا الخمر والخنزير ، بلا خلاف إذا كان الراهن مسلماً ، وكذا إذا كان المرتهن كذلك ولم يضعهما عند ذمّي ، ومع الوضع عنده فكذلك عند الأكثر.
خلافاً للشيخ (١) ، فأجازه حينئذ إذا كان الراهن ذمّيا ؛ محتجاً بأنّ حق الوفاء إلى الذمي ، فيصحّ كما لو باعهما وأوفاه ثمنهما.
ويضعّف بوضوح الفرق ؛ فإن فائدة الرهن تسليط المرتهن على المرهون بالبيع ونحوه مما يتضمّن الاستيفاء ، وهو هنا ممتنع ، والوضع عند
__________________
(١) كما في المبسوط ٢ : ٢٢٣.